الصحراء زووم :محمود الركيبي

انتهت اليوم الجمعة أشغال اليوم الثاني والأخير من المائدة المستديرة الثانية حول الصحراء بجنيف،
وعقب نهاية الاجتماع قام المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة هورست كولر، بتلاوة بيان ختامي أمام الصحافة بقصر الأمم المتحدة بجنيف، أكد فيه ان أشغال الاجتماع طبعها جو من الإحترام المتبادل واللطف والصراحة، مؤكدا ان الوفود المشاركة رحبت بعزم المبعوث الشخصي على دعوتهم للاجتماع مرة أخرى بنفس التنسيق.


وأكد المغرب على لسان وزير الخارجية ورئيس الوفد المفاوض على أنه لابد من التوجه إلى حل واقعي وعملي يكون متوافقا عليه بين جميع الأطراف، مجددا تمسك المغرب بالحكم الذاتي كحل لهذا النزاع، من جهتها جددت جبهة البوليساريو تمسكها بخيار الاستفتاء، إلا أنها أعربت على أنها تبقى منفتحة على الجهود الأممية لحل هذا النزاع.


اجتماع جنيف كانت قد استبقته الأمم المتحدة ببيان أكدت فيه ان هذا الاجتماع يعقد وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2440 كخطوة أخرى في العملية السياسية، نحو التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف.


وتمحورت أشغال الطاولة المستديرة التي انطلقت أمس الخميس واستمرت على مدى يومين، في جلسة مغلقة أساسا حول ثلاث نقاط وهي البحث عن تصور مشترك للحل السياسي طبقا لقرار مجلس الامن الأخير، وكذا إمكانيات اعادة إطلاق اتحاد المغرب العربي كأحد الرهانات الإقليمية، بالإضافة الى قضايا تتعلق بتدابير إجراءات الثقة.


وكان كولر قد استبق الاجتماع بإجرائه مشاورات مع الوفود من أجل "تحضيرها لانعقاد المائدة المستديرة الثانية، وهو الذي أعرب عقب تنظيم المائدة المستديرة الأولى عن تفاؤله الكبير من أن حلا "سلميا" في الصحراء، يعتبر "ممكنا"، وأنه "ليس من مصلحة أحد الابقاء على حالة الانسداد".



ولم تختلف تركيبة الوفود المشاركة في اشغال الجولة الثانية من اجتماع المائدة المستديرة، عن الجولة الأولى، اللهم إلا إذا استثنينا رمطان لعمامرة الذي حملته الأحداث الجارية بالجزائر للعودة من جديد لترؤس الدبلوماسية الجزائرية، في سياق الأحداث التي تعرفها الجزائر.



وتاتي هذه المحطة في سياق اقليمي متميز، حيث يترنح النظام في الجزائر على وقع مظاهرات واحتجاجات غير مسبوقة تطالب برحيل بوتفليقة وكل رموز حكمه، نظام حرص من خلال مشاركته في اجتماع جنيف، بوفد دبلوماسي رفيع يقوده رمطان لعمامرة نائب الوزير الأول ووزير الخارجية، إرسال رسالة على انه لازال قويا ومتماسكا ومعنيا باي تسوية لنزاع الصحراء، وركنا رئيسيا في المعادلة الإقليمية، رغم انشغاله باوضاعه الداخلية، المرتبطة بالحراك الشعبي المصر على تغيير النظام، والذي ستتغير معه الكثير من السياسات والمواقف من عدة قضايا لعل ابرزها  العلاقة مع المملكة المغربية، وهو ما ستكون له، بحسب مراقبين، تداعيات إيجابية على الدفع باتجاه إيجاد تسوية لنزاع الصحراء.



وتأتي اجتماعات الطاولة المستديرة في إطار الجهود التي يقودها هورست كولر منذ توليه مهمة الوساطة لايجاد حل لنزاع الصحراء، ورغبته في إحداث اختراق يدفع باتجاه التوافق على حل سياسي متوافق عليه كما ينص عليه قرار مجلس الأمن 2440 الأخير، بيد أن مراقبين على اطلاع بالملف يرون ان حل نزاع الصحراء مرتبط بالموقف الأمريكي ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون، والذي أكد أن الولايات المتحدة تضع نصب أعينها حل الصراعات وليس تجميدها الى الأبد، مطالبا الأمم المتحدة بتفعيل دور بعثات السلام بغية البث في كيفية حل النزاعات، هذه الرؤية المرتبطة بالاستراتيجية الأمريكية في افريقيا، والمستندة على الاعتبارات الاقتصادية في إطار التنافس مع الصين على افريقيا، والأمنية المرتبطة بمواجهة التهديدات في الساحل، وما يتطلبه ذلك من وضع الترتيبات اللازمة، وهو ما يتطلب تسوية عاجلة لأزمات القارة، والتي يعتبر نزاع الصحراء أطولها عمرا، بيد ان السؤال يبقى مطروحا حول طبيعة وشكل هذا الحل..

Tweet