الصحراء زووم : محمود الركيبي

في الوقت الذي اتجهت الانظار نحو مراكش، والتي احتضنت هذا الأسبوع مؤتمرا وزاريا افريقيا نظمه المغرب، والذي استطاع خلاله حشد اكثر من 35 بلدا افريقيا،  حول دعم الاتحاد الإفريقي للمسار الأممي حول النزاع في الصحراء، كانت جنوب افريقيا على موعد مع مؤتمر لدعم البوليساريو، والذي استضافت فيه بريتوريا دولا افريقية تنتمي لما يعرف بصادك وهي مجموعة التنمية لافريقيا الجنوبية، بالاضافة الى الجزائر ومندوبين عن دول معروفة بمساندتها لطرح البوليساربو ككوبا وفنزويلا.



ويعكس المؤتمران حدة التنافس والصراع بين الجانبين حول محاولات الاستقطاب، فالبوليساريو ومن ورائها جنوب افريقيا والجزائر وحلفاءهما في القارة، يعملون جاهدين على دفع الاتحاد الافريقي الى الانخراط أكثر، ولعب دور أكبر في إيجاد حل لنزاع الصحراء، في حين يتشبث المغرب بمطلب تحييد الاتحاد الافريقي عن أي دور في ايجاد حل لهذا النزاع، والاكتفاء بدعم جهود الأمم المتحدة والتي تبقى في نظر المملكة الجهة الوحيدة والحصرية المخولة بايجاد حل لهذا المشكل.


ويبدو ان جنوب افريقيا من خلال جمعها للدول السائرة في فلكها داخل القارة، تحاول ارسال رسالة انها ماضية في دعمها للبوليساريو، رغم إبداء المغرب لرغبته في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، والتي كان اخرها تعيين سفير جديد للمملكة ببريتوريا.


في حين يبدو المغرب، ومنذ عودته للاتحاد الافريقي مصمما على كسر هيمنة محور بريتوريا الجزائر، الذي ظل لسنوات المتحكم في صناعة القرار الافريقي، والعمل على خلق توازن داخل دواليب عمل الاتحاد الإفريقي، الذي ظل لسنوات يصدر توصيات ومواقف مؤيدة لأطروحة البوليساريو.


ويعمل المغرب على الاستفادة من الوضع الدولي والإقليمي والذي يتسم بالتغير، وتجاوز شعارات الماضي ومخلفات الحرب الباردة، والبناء على الاختراقات الدبلوماسية التي حققتها المملكة خلال السنوات الماضية في أفريقيا، خاصة الدول الأفريقية الأنجلوساكسونية، فالمغرب عمل في السنوات الأخيرة على توطيد علاقاته بالدول الأفريقية، وأصبح شريكا متميزا لها على المستوى الاقتصادي إلى جانب حضوره القوي في تدبير بعض الأزمات بالبلدان الأفريقية في إطار الأمم المتحدة، وهو ما يثير مخاوف الجزائر، التي عملت على استنفار حلفاءها وعلى رأسهم جنوب أفريقيا لمواجهة الاختراق المغربي، ولعل مؤتمر صادك يندرج في هذا السياق.



ويرى مراقبون ان مؤتمرا صادك ومراكش يؤشران لبداية فصل جديد من المواجهة بين الجانبين داخل أروقة الاتحاد الافريقي، في ظل محاولة كل طرف فرض رؤيته وتسويق مواقفه بخصوص نزاع الصحراء، والذي يعرف ديناميكية غير مسبوقة، بعد جهود قادها الوسيط الدولي هورست كولر، توجت باجتماعين للطاولة المستديرة بجنيف، والتي يعول عليها في إحداث اختراق يؤسس لبلورة حل سياسي لهذا النزاع الذي عمر لأكثر من 43 سنة، ورهن مسيرة الاندماج داخل اتحاد المغرب العربي، وهدد أكثر من مرة بنسف وحدة الاتحاد الافريقي.

Tweet