الصحراء زووم : اسماعيل الباردي

كشفت بعض المصادر الإعلامية المقربة من جبهة البوليساريو، عن انتقادات حادة وجهها أحد أعضاء أمانة الجبهة لنتائج دورتها الاستثنائية الأخيرة، واصفا إياها ب"الهزيلة"، مشيرا إلى أن الأجواء السائدة في دورة الأمانة الأخيرة سادها "الجدال العقيم والحوارات غير الهادفة" البعيدة عن تطلعات سكان مخيمات تندوف، على حد تعبيره.

انتقادات تشير إلى حدة الخلافات داخل قيادة البوليساريو، والتي ألقت بظلالها على التأخر في الإفراج عن تشكيلة اللجنة التحضيرية، وذلك بعد أن تم الإتفاق أخيرا على موعد انعقاده، شهر دجنبر القادم.

وكان الاجتماع الأخير لأمانة البوليساريو، قد أعلن أن المؤتمر الخامس عشر سينعقد شهر دجنبر القادم، في الوقت الذي لم يتم الحسم النهائي في تشكيلة اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وتقرر تأجيله إلى حين عودة ابراهيم غالي من المشاركة في قمة "التيگاد" التي تجمع اليابان والاتحاد الافريقي بيوكوهاما اليابانية.

من جهة أخرى، فشلت على ما يبدو "لجنة التفكير"، المكلفة من قبل قيادة الجبهة بوضع تصور خارطة طريق للمؤتمر المقبل، في تقديم رؤية ترضي الأجنحة المختلفة داخل القيادة، في الوقت الذي أشارت بعض المصادر إلى أن اللجنة اقترحت إعادة إنتاج منصب الأمين العام المساعد، أي تسيير البوليساريو برأسين، وهو ما يشير إلى وجود رغبة لدى بعض الأطراف داخل القيادة، في تقزيم دور ابراهيم غالي  والحد من صلاحياته، وذلك من قبل بعض المتحفظين على إدارته لدفة الحكم خلال ولايته الاولى، خاصة حين أبدا رغبة في فتح ملفات الفساد، وكذا ما يعتبره البعض فشله في التعامل مع بعض الأزمات، لعل أبرزها أزمة معبر الكركارات، حين قرر الدفع بوحدات عسكرية للانتشار قبالة المعبر، قبل أن يقرر سحبها تحت ضغوط من مجلس الأمن الدولي.

وارتبط منصب الأمين العام المساعد بفترة الحرب خلال فترة السبعينات والثمانينات، قبل أن يتم إلغاؤه نهاية الثمانينات، بعد التغييرات التي أدخلتها جبهة البوليساريو على نظامها السياسي، إثر الأحداث العاصفة التي عرفتها سنة 1988، وبداية ظهور بوادر نجاح المساعي الإفريقية والدولية في إقناع الأطراف بوقف الحرب والشروع في المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي لنزاع الصحراء، خاصة بعد لقاء مراكش سنة 1989 الذي جمع الملك الراحل الحسن الثاني ووفد رفيع المستوى من البوليساريو، تغييرات مست الهياكل القيادية للجبهة حيث ألغيت هيئتا "اللجنة التنفيذية" و"المكتب السياسي"، وتم إدماجهما فيما عرف لاحقا باسم "الأمانة الوطنية"، خلال المؤتمر التاسع الذي انعقد في يونيو 1991، أي قبل ثلاثة أشهر من توقيع أطراف النزاع على اتفاق إطلاق النار في 6 شتنبر من نفس السنة.

وبين المؤتمر التاسع سنة 1991 الذي تزامن مع نهاية الحرب ودخول الأطراف في مسلسل السلام، والمؤتمر الخامس عشر سنة 2019، الذي يتزامن مع الدعوات لطي مرحلة السلام والعودة لامتشاق السلاح من جديد، تبدو جبهة البوليساريو امام مرحلة مفصلية في تاريخها السياسي في ظل خلافات وتباينات في وجهات النظر بين اجنحة الحكم في التعامل مع الظرف الراهن، خاصة في ظل حالة الانسداد التام الذي تعرفه العملية السياسية بعد استقالة هورست كولر وفشل الأمم المتحدة لحد اللحظة في تعيين مبعوث جديد.

Tweet