الصحراء زووم : محمد الساعدي

إن الحديث والكتابة عن شيوخ الصحراء وإبراز كرامتهم وصلاحهم وجهادهم وتتبع مراحل حياتهم وتنقلاتهم من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال يقتضي الدقة والتركيز، لأنه بالحديث والكتابة عنهم يتم ضحدا للإدعاءات والأضاليل والحيلولة دون تزييف الحقائق التاريخية.

ونحن نحيي هذا الموسم بمنطقة راس الخنفرة وفي ضيافة الولي الجامح القطب الصالح ابراهيم بن عبد الله لن تتضح لنا الرؤية دون الحديث عن منبع وأصل هذا الولي الصالح، وإذا أردنا أن نخوض في شخصيته فلن يتأتى ذلك بمعزل عن الوسط المجتمعي الذي ينتمي إليه هذا القطب حفيد الشيخ سيد أحمد الرقيبي الجد المؤسس للقبيلة.

وعنه وعن أبنائه من بعده نجده الكتابة عنهم نادرة، وذلك لأسباب منها، أن الشيخ سيد أحمد الرقيبي اختار الخلوة والابتعاد عن الناس (خلوته المشهورة) والتي دامت عشرة سنين كاملة متفرغا للعبادة لا غيرها، وفي هذا يقول الأستاذ أحمد بوكاري( إن دافع النزوح والانتقال ليس عرضا بشريا ناتجا ظلم  أو ضغط من السلطة أو من قوة منافسة بل هو حادث رباني من جملة العوارض التي يختبر بها الله عباده الصالحين) وقد كانت المنطقة التي اختارها الشيخ لخلوته وتضرعه للعبادة هي الساقية الحمراء، التي لم يكن أهلها يدونون تاريخا ولا أدبا وكل ما تركوه هو روايات شفوية حول الأنساب والكرامات متوارثة أبا عن جد، ويحق لنا في هذا العدد أن نقتطف من تعليق الأستاذ بوجمعة حسن ازروال قوله عن المغاربة: ( كم فيهم من فاضل نبيه طوى ذكره عدم التنبيه فصار اسمه مهجورا كان لم يكن شيئا مذكورا، وذلك بسبب إهمال  الكتابة والتوثيق) ولكي لا أطيل فسأختصر الحديث عن المعني بالأمر وهو سيدي ابراهيم بن عبد الله.

تعريف بالولي الصالح:

هو احد أحفاد سيدي أحمد الرقيبي الجد المؤسس للقبيلة، وهو ابراهيم بن عبد الله بن محمد امبارك بن احمد ابن ساعد بن علي بن سيد أحمد الرقيبي ابن احمد ابن احمد ابن يوسف  بن علي  بن عبد الله بن عبد الكريم بن احمد بن موسى بن غانم بن كامل بن تكميل بن زين العابدين بن حيدرة بن يعقوب بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن عبد السلام بن سليمان( الملقب بالمشيشي) بن ابو بكر بن علي بن حزمة بن سلام بن مزوار بن حيدرة بن محمد بن ادريس الأزهر بن ادريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب ( رضي اله عنه)  وفاطمة الزهراء ( رضي الله عنها) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتجمع الروايات الشفوية على أن الولي الصالح سيدي ابراهيم بن عبد الله عاش في عصر تميز بالصراعات والنزاعات ، مما دفع به إلى اختيار  هذه المنطقة والابتعاد عن الناس حاله في ذلك حال جده سيدي احمد الرقيبي، وتتفق كل الروايات على انه ولد حوالي 1514م بالكعدة بمنطقة الحكونية  وتحديدا بكرارة السواعد ويعتبر الولي الصالح سيدي ابراهيم بن عبد الله من رواد الحركة الجهادية في ذلك العصر بمنطقة الساقية الحمراء المرتكزة أساسا على نصرة الإسلام والجهاد في سبيل الله وأعلاه كلمة الحق والدفاع عن الوطن.

 أما بالنسبة للجانب الاجتماعي:  فقد خلف الولي الصالح خمسة أبناء هم: دحمان وحمة والحسين وعمر واحمد وبنتا واحدة تسمى ابابة.

لقد كان الولي الصالح سيدي ابراهيم بن عبد الله إماما تقيا صالحا ورعا سمحا متصوفا مجاهد في سبيل الله إلى جانب كبراء القبائل ضد العدو القادم من وراء البحار من اسبانيا والبرتغال، كما كانت القبائل ترجع إليه  في الأمور المتعلقة بالشريعة والجهاد في هذه المناطق من الصحراء المغربية.

 وبحلول عام 1596 لبى سيدي ابراهيم بن عبد الله  نداء ربه  بمنطقة راس الخنفرة عن عمر يناهز 82 سنة رحم الله الولي الصالح وأسكنه فسيح جناته.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 المراجع:

vكتاب : التاريخ الاجتماعي لدرعة ( لمؤلفه : احمد البوزيدي)

vكتاب : ممتع الأسماع ( لمؤلفه : محمد المهدي الفاسي)

vكتاب : سيدي احمد الرقيبي ( لمؤلفه : محمد أحمد باهى)

vكتاب : مؤسسة الزوايا بالمغرب( لمؤلفه : د. محمد الظريف)

vكتابك الساقية الحمراء ( لمؤلفه: محمد الغربى) نشرة وزارة الإعلام.

Tweet