الصحراء زووم : محمد كنتور

لازال تقديم محمد الشيخ بيد الله إستقالته من عضوية مجلس جهة العيون الساقية الحمراء .

يثير الكثير من ردود الفعل الغاضبة من هذه الخيانة الموصوفة و المتكاملة الأركان للساكنة التي منحته تفويض المرافعة عنها من داخل أروقة المجلس الجهوي في ظل الصلاحيات و الاختصاصات الواسعة التي أناط المشرع بها الإطار المسير للجهة بعد دستور2011 .

والتي حظيت بأهمية خاصة على مستوى الأقاليم الجنوبية على إعتبار أنها ستشكل الحاضنة الحقيقية لتنزيل مشروع الجهوية الموسعة التي تعتبر لبنة التأسيس الحقيقي لورش الحكم الذاتي الذي إنخرطت فيه جميع القوى السياسية الحية بالصحراء .

من أجل إنجاح هذا الورش الذي يعتبر رهانا وطنيا لوضع نقطة نهاية لنزاع الصحراء الذي بات يشكل خاصرة رخوة للمملكة . و ذلك بمنح المجلس الجهوي إختصاصات واسعة ستجعل من الجهة قاطرة حقيقية للتنمية و الإقلاع الإقتصادي و النهوض بالواقع المعيشي لساكنة الصحراء.

 إن ما سبق من حيثيات يفرض التساؤل عن الأسرار الكامنة التي جعلت بيد الله يرمي بهذا الإلتزام السياسي الوطني خلف ظهره و يشكك في جدوائية هذا المشروع الوطني الواعد بهذا القرار الإرتجالي ؟

الخطيئة الأولى ... الغاية بأي وسيلة ؟

أولى تفاصيل سيناريو هذه الخيانة المحبوكة بدقة وعناية فائقة كان هو قرار ترجل الرئيس السابق لمجس المستشارين من عليائه و الترشح بالعاصمة العلمية لحواضر الصحراء وكذا إعلان الترشح لرئاسة جهة العيون الساقية الحمراء مسوقا بأنه يخوض هذا النزال الإنتخابي و في جعبته مشروع سياسي و اضح المعالم يحاول سيادته خدمة الساكنة و الصالح العالم من خلاله غير أن إخفاقه المدوي في تحقيق مآربه التي كان المخفي منها أكثر مما هو معلن أماط اللثام عن فصول قصة السياسي المتشبع حد الثمالة بالفكر المكيافيلي . فأغلب ساكنة الصحراء يجمعون على أن الرجل لا يتوفر على حاضنة وقاعدة شعبية حقيقية تؤهله للبروز بالمشهد السياسي الصحراوي كما أنه عديم الخبرة في التكتيكات الانتخابية لذلك استقبلت النخبة السياسية بالصحراء قرار ترشحه بالكثير من الشك و الريبة خاصة في ظل ترويج المحيطين به انه مرشح الدولة و الذي لن ترضى عنه بديلا في محاولة لبعث الأساليب البصراوية من تحت الرماد من خلال مصادرة حقوق المواطنين في التعبير عن إرادتهم الحرة و إنخراط البعض بشكل فاضح في تزوير إرادة الناخبين لصالحه بيد أن الجمل تمخض عن فأر في النهاية .

الخطيئة الثانية ... أنا ومن بعدي الطوفان ؟

وهكذا وضعت الحرب الإنتخابية أوزارها مفرزة واقعا سياسيا معاكسا لرياحه و هواه لتبدأ العديد من الأوراق في الإعلان عن ذاتها و التي كان أولها إنكشاف الدوافع الحقيقية للأمين العام السابق لحزب الأصالة و المعاصرة لخوض هذا النزال و هي ببساطة جدا ضمان حجز مقعد بالغرفة الثانية للبرلمان وفي ظل حرصه الشديد على عدم ترك أي مجال للصدفة قرر خوض هذه الاستحقاقات على جبهتين ليكون له فيما بعد الاختيار لركوب المركب المضمونة للعبور لمجلس المستشارين وفي طريقه الوعرة هذه داس الكثير من الأعزاء الذين تحولوا إلى أذلة بعد انتهاء مدة صلاحيتهم وذلك بعد أن دخلوا حرب بالوكالة وأدوا في النهاية الفاتورة كاملة بالنيابة من مستقبلهم السياسي الذي أصبح ملبدا بالغيوم ومحاطا بظلال قاتمة من الشك و الريبة فقد كانت أول ملامح مصير هؤلاء الضحايا إرغامهم على التصويت لصالح مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار في إنتخابات رئاسة جهة العيون وذلك في رسالة واضحة و بعيدة عن تشفير اللغة لمغازلة أصوات حزب الحمامة كي تطير به للغرفة الثانية من البرلمان .

وهنا بدأت خيوط المناورة التي دبرت بليل تنكشف تباعا و التي كانت معالمها واضحة منذ اللحظة الأولى ولا تحتاج للكثير من العناء لفضحها ولكن الحيلة انطلت على بعض السذج و الدهماء من مراهقي السياسة وحين دقة لحظة الحقيقة أضطر الجميع لكشف أوراقه و اللعب على المكشوف.

وهكذا تبعثرت أوراق سيادته ليضطر للخروج للعلن وتعرية أنانية مقيتة كانت أقوى من كل مساحيق التجميل التي اخفت مكرا سياسيا يستبيح جميع القيم في سبيل حصد مكاسب سياسية شخصية حتى ولو كانت الضريبة إصابة الأخلاق السياسية في مقتل فقد غادر محمد الشيخ بيد الله مجلس الجهة ورفض التصويت في هذا الإطار في خيانة فجة لمرشح حزبه وذلك بعد أن ضمن أصوات حزب الحمامة لصالحه في انتخابات ممثلي الجماعات المحلية بمجلس المستشارين .

الخطيئة الأخيرة ... ظلم ذوي القربى أشد مضاضة ؟

 والجدير بالذكر أن بعض المتتبعين للمشهد السياسي بالصحراء لطالما  رأوا أن ترشيح هذا الأخير على أكثر من جهة يشي بان خلف الأكمة ما خلفها ولتكتمل فصول هذا المنظر تراجيديا قرر سيادته تقديم استقالته من مجلس جهة العيون الساقية الحمراء وذلك بعد أن حقق الهدف و المبتغى و دفع للمحرقة كل من اعترض طريقه خاصة بمدينة السمارة التي أعلنها أرض محروقة سياسيا معللا سيادته قراره بعجزه عن التفرغ لأشغال مجلس الجهة وهو عذر أقبح من زلة ويكشف عمق التناقض في مواقفه فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يقدم استقالته من مجلس بلدية السمارة ولكنه يدرك تمام الإدراك أن خطوة من هذا النوع ستفقده حلمه السياسي الكبير بالجلوس بمجلس المستشارين.

وليبقى الثابت الوحيد في هذه اللعبة السياسية الفجة أن إستقالة محمد الشيخ بيد الله هذه تخدش ميثاق الشرف الذي يربطه بالساكنة كما أنها تقدم درسا قاسيا للنخبة السياسية الشابة التي راهنت على الحصان الخاسر في هذا السباق لكن ربما تستفيد من هذا الدرس القاسي جدا لكنه يبقى درسا مفيدا بالرغم من مرارة الخيانة و نكث الوعود اللذين باتا اليوم ماركة مسجلة بإسم المعني بالأمر ... يتبع ...

Tweet