الصحراء زووم _ قمة أبيدجان.. هل أحبط المغرب قواعد اللعبة التي تريدها الجزائر والبوليساريو؟

 



أضيف في 2 دجنبر 2017 الساعة 12:27


قمة أبيدجان.. هل أحبط المغرب قواعد اللعبة التي تريدها الجزائر والبوليساريو؟


الصحراء زووم : ساسة بوست


رُدت المملكة المغربية إلى بيتها الإفريقي بعد انقطاع 33 عامًا، فبرز حضورها بين 83 دولة من أوروبا وإفريقيا شاركت في قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في أبيدجان بساحل العاجل يومي 29 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

لم يكن الحضور عاديًا على صعيد المكان أيضًا، فقد جلس ملك المغرب تحت سقف واحد جمعه بجبهة البوليساريو، التي أعلنت الجمهورية العربية الصحراوية على أرض الصحراء الغربية، التي تعتبرها المغرب جزء لا يتجرأ من أراضيها، وهو ما قرئ كتحركات جديدة للمملكة قائمة على المبادرة والبراغماتية، لخلق ائتلافات، وتشكيل تحالفات تؤيد الشرعية المغربية في الصراع مع الجبهة، كذلك يُعني المغرب بتحقيق مصالح قوية مع إفريقيا وأوروبا.

المغرب يريد «تقزيم» جبهة البوليساريو إقليميًا ودوليًا

بدد حضور الملك المغربي، محمد السادس «قمة أبيدجان» بساحل العاج عدة تكهنات مجانبة لهذه المشاركة، فقد وقعت المرة الأولى التي يجتمع فيها المغرب مع جبهة البوليساريو، ولم يحدث أن غاب أحدهما عن القمة، كما جرى التكهن من قبل البعض.


الملك محمد السادس والرئيس واتارا في أبيدجان أمس (المصدر: أ.ف.ب)
كذلك خرج التكهن بأن ذلك «الجمع» يعد اعترافًا بالجمهورية العربية الصحراوية التي أعلنتها جبهة البوليساريو، فأكدت المغرب أنها تواصل التمسك بأهدافها في ملف الصحراء الغربية، ليبدو أن ما حدث هو انتهاء حقبة «المقعد الشاغر» للمغرب التي جاءت احتجاجاً على قبول الاتحاد الإفريقي عضوية «الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية» التي أعلنتها جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية، فقد أدركت المغرب الآن أهمية هذا الاستحقاق كجسر لها بين إفريقيا وأوروبا، بعد 33 عامًا من مقاطعة انتهت بالعودة إليه في كانون الثاني (يناير) 2017.

هدفًا رئيسيًا ومباشرًا يتمثل في أن المغرب يريد تقزيم «البوليساريو» على المستوي الدولي والإقليمي، تلك الجبهة التي حضرت إلى هذا المؤتمر بمساعدة المحور الخصم للمغرب، خاصة الجزائر وجنوب أفريقيا، فالمغرب غير من سياسة المقاطعة لسياسة المشاركة في القمم الدولية والقارية، وقرر الانطلاق منها للدفاع عن حقوقه التاريخية في الصحراء الغربية، بعد أن  أدرك أن العام 2018 سيشهد استفحال المواجهات مع البوليساريو في الكيانات التابعة للاتحاد الإفريقي، التي غاب عنها المغرب، والتي تمددت فيها البوليساريو خلال سنوات طويلة.

قرر المغرب خوض معارك سياسية ودبلوماسية لمجابهة البوليساريو في الساحة الإفريقية، التي زعزعت فيها الجبهة مطالب المغرب بالصحراء ودافعت عن رؤيتها بشأن النزاع، وكذلك يُعني المغرب بتضييق الخناق أكثر على البوليساريو من خلال فتح باب العودة السياسية من بوابة الاقتصاد، فانضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، التي تنعقد قمتها في 16 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في أبوجا، ستكون لتحقيق هذا الهدف.

يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض في مراكش، محمد الزهراوي: أن «المغرب بهذا الحضور يخفف من وقع ووطأة خبر حضور البوليساريو، ويقلل من النشوة الإعلامية والدعائية التي رافقت إعلان حضورها»، ويستدرك القول في تصريح لـ«القدس العربي»: «لكن تحقيق الأهداف والخلفيات يبقى رهين طريقة إخراج وتدبير كواليس القمة والتنسيق مع الحلفاء الأوروبيين والأفارقة، فالحضور الملكِي، بقدر ما يؤسس لأعراف جديدة تقطع مع سياسة الكرسي الفارغ، بقدر ما تؤسس لسوابق ووقائع يمكن تأويلها واستغلالها بطريقة احتيالية وتعسفية من طرف خصوم المغرب للاحتجاج بها في المستقبل، أو لتكريسها وفق منطق لا يخدم مصالح المغرب».

وحول أهداف حضور «البوليساريو» هذه القمة، ذكرت «وكالة الأنباء الصحراوية» أن الجبهة تحمل رسالة متعددة الأبعاد للمملكة المغربية بعد عام على انضمامها للاتحاد الإفريقي، وهي التأكيد على «موقف إفريقيا الموحد بضرورة خروج المغرب من الصحراء، العضو المؤسس لهذا الاتحاد المتمسك باحترام ميثاقه التأسيسي والمستميت في الدفاع عن مبادئه وخطه السياسي المتمثل في إنهاء الاستعمار من القارة»، وأضافت الوكالة التابعة للجبهة أن «هذا الحضور رسالة قوية للمغرب، ونكسة لدبلوماسيته، وتأكيد قوي بأن الجمهورية الصحراوية حقيقة قائمة، وعضو مؤسس وفعال لمنظمة الاتحاد الإفريقي».

يذكر أن قضية الصحراء تعود إلى العام 1975، عندما أنهى الاحتلال الإسباني في المغرب العربي، فتحولت المنطقة لساحة نزاع مسلح بين المغرب و«البوليساريو» حتى عام 1991، إذ تصر المغرب على أحقيتها في إقليم الصحراء، بينما تريد الجبهة استفتاء لتقرير مصير الإقليم.

مآرب المغرب الأخرى.. شراكة ثمينة مع أوروبا وإفريقيا

«كم هو جميل هذا اليوم، الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه! فإفريقيا قارتي، وهي أيضًا بيتي. لقد عدت أخيرًا إلى بيتي، وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد! لقد اشتقت إليكم جميعًا»، بهذا الخطاب احتفى الملك المغربي، محمد السادس بعودته إلى الاتحاد الإفريقي، في قمة أبيدجان.


عناصر من جبهة «البوليساريو» (المصدر: موقع دويتشه فيله )
القمة التي ناقشت موضوعات، مثل: الاستثمار في الشباب، وقضايا الهجرة، والإرهاب، والتطرف، والسلم، والأمن، حمل فيها حضور المغرب رسائل ليست مقصورة على جبهة البوليساريو، فقد ظهر الطموح المغربي في تقوية العلاقات ببعض الدول الأوروبية، الذي أعلن نيابة عنها الاتحاد الأوروبي أن موقفه ثابت في عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية التي أعلنتها البوليساريو، وقد أكدت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، فيديريكا موغيريني، على أن «المغرب شريك أساسي للاتحاد الأوروبي، والذي طور معه شراكة مستدامة وثمينة خلال سنوات عديدة، موضحة أن مشاركة جبهة البوليساريو في الاجتماع لا تغير موقفنا من الصحراء بأي شكل من الأشكال».

يريد المغرب استثمار العلاقات الثنائية مع كل من فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، وهي علاقات تسهل عملية تقوية الوجود المغربي في بعض المعاقل الإفريقية، ويريد المغرب استثمار دول، مثل فرنسا، التي تدعمه كثيرًا في المحافل الدولية، ففي مارس (أذار) الماضي أوصي النواب الفرنسيون في البرلمان الأوروبي بضرورة الدفاع عن مصالح المغرب في اتفاقية التبادل التجاري والصيد البحري، وذلك في أعقاب قرار المحكمة الأوروبية باستثناء منتجات الصحراء الغربية.

كما أن فرنسا التي تواجه نقدًا مستمرًا من الجزائر وجبهة البوليساريو، ساهمت في أبريل (نيسان) الماضي في سحب جبهة البوليساريو لمقاتليها من منطقة عازلة في الصحراء الغربية، هي منطقة (الكركرات) القريبة من الحدود الموريتانية، فقد أصرت فرنسا في مجلس الأمن على انسحاب البوليساريو من المنطقة بعد سحب المغرب لقواتها في فبراير (شباط) الماضي.

Embed from Getty Images
المبعوث الجديد للأمم المتحدة لمنطقة الصحراء الغربية، هورست كوهلر، مع الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي

وتعنى كذلك المغرب بالحفاظ على الروح التي سادت قمة أديس أبابا، عندما رحبت أغلبية الدول الإفريقية بعودة المغرب إلى أسرته الإفريقية، واعتبرت ذلك قيمة مضافة ووحدة للاتحاد الإفريقي.

ويقول مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات بجامعة «القاضي عياض» بمراكش، إدريس لكريني: «مشاركة الملك، باعتباره رئيس الدولة، في هذه المناسبة هي تأكيد على سعي المغرب لتجاوز تبعات سياسة المقعد الشاغر، والمرافعة بشأن قضاياه الاستراتيجية في أبعادها الاقتصادية والمتصلة بقضية الوحدة الترابية من داخل هذا الإطار الإقليمي، الذي استغله خصوم المملكة لسنوات في الترويج لمواقف أحادية لا تخلو من مغالطات وافتراء»، ويتابع القول لـ«العربي الجديد»: «هذه المشاركة تعبير عن جدية المغرب في بناء علاقات مغربية إفريقية متينة مبنية على تشابك المصالح المتبادلة، والرغبة في المساهمة في تعزيز مكانة القارة على المستوى الدولي، وترسيخ تعاون جنوب – شمال يدعم خدمة قضايا القارة في مختلف أبعادها وتجلياتها».

هل أحبط المغرب قواعد اللعبة التي تريدها الجزائر؟

يعتقد المغرب أن «الجارة» الجزائر هي الطرف الأساسي في قضية الصحراء الغربية، فهي التي تدعم جبهة البوليساريو، ولذلك تعمدت الجزائر – حسب الموقف المغربي – العمل دبلوماسيًا في إفريقيا لإضعاف موقف المغرب في قضية الصحراء الغربية.

Embed from Getty Images
الصحراويون في مخيم الداخلة للاجئين

يقول وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة لـ«الشرق الأوسط»: إن «المغرب عندما أعلن نيته العودة إلى الاتحاد الإفريقي، في يوليو (تموز) 2016 قادت الجزائر عدة حملات دبلوماسية وإعلامية قوية ضده»، وذلك من أجل تعطيل هذا الرجوع الذي وافقت عليه الأسرة الإفريقية، حسب بوريطة.

وفي ظل هذه الرؤية المغربية، كانت عملية «العضو العائد»، تهدف من جراء المشاركة في قمة أو غيرها، اجتياز التحفظ الجزائري والجنوب إفريقي الداعم للبوليساريو، وتطويق هذا المحور الذي يخالف خيارات المغرب، فقد توقع من يعتبرهم المغرب محور الخصوم، وعلى رأسهم الجزائر، أن يلغي حضوره في هذه القمة؛ بما يسمح لجبهة البوليساريو بمحاولة التحرك والبحث عن مزيد من الإنجازات الدبلوماسية لصالحه، فالجزائر وجنوب إفريقيا والبوليساريو تريد أن تبقى المغرب على ذات النهج والمنوال في نظر الكثير من المحللين المغربيين، وقد أقلمت ظروفها على استقرار موقفه في جني الكثير من مواقف سياسية.

Embed from Getty Images
إبراهيم غالي، الأمين العام الجديد للجبهة البوليساريو

ويعمل المغرب على بناء علاقات دبلوماسية واقتصادية مع أغلب البلدان المشاركة في القمة، بغية سد الثغرة أمام أي مجال مستقبلي للبوليساريو للتحرك والبحث عن الاعتراف بعد أن ضيّق عليها الخناق وحلفائها، ولكن هل يتحقق الهدف المغربي؟

يجيب الخبير في القانون الدولي الهجرة ونزاع الصحراء، صبري الحوى: «يدرك المغرب أن تفوقه في معركة الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي لا يعني استسلام معسكر معارضته، وركونه إلى القبول بالوضع الجديد والرضا به؛ ذلك أن ترجيح الإرادة المغربية لتحقيق الانضمام على إرادة إجهاضه وتفاديه من طرف الجزائر وجنوب إفريقيا، لا يضع حدًّا للمنازعة بين الفريقين عند عتبة العزم على الدخول، ورفضه، بل إن جذور هذا الصراع تكمن في خلفيات الانضمام، ودواعي رفضه، وفي أساسهما وأسبابهما».

ويضيف «الحو» في مقاله «هذه أسباب حضور المغرب قمة أبيدجان بجانب البوليساريو» على موقع «هسبريس» المغرب: «قد يكون المغرب أدرك صعوبة وشدة الضغط الذي سيمارس عليه خلال الفترة الفراغ، والتي ستمتد فعليًّا ما بين تاريخ رجوعه والمدة التي سيستغرقها لفهم آليات وقواعد اشتغال أجهزة الاتحاد الإفريقي، ووصوله الفعلي إلى مراكز ومنافذ صنع القرار من داخل مختلف أجهزته المتعددة والمتنوعة والكثيرة للمشاركة والمساهمة في توجيهها والتحكم في قراراتها».

ويعتقد «الحو» أن «المغرب ملزم بنهج واحترام فترة من الهدوء والسكينة وتفادي التوترات من أجل فهم جيد، وهذه الحاجة هي التي تفسِّر انسحاب البلد من جانب واحد من منطقة الكركارات، وتغيبه عن جلسة اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي رقم 668 بتاريخ 20 مارس 2017، خدمة لأولوية الهدف الإستراتيجي بتوفير ظروف عودة هادئة سلسة وغير متوترة».





أضف تعليقك على المقال
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




أقرأ أيضا
افتتاح أكبر مسجد بالصحراء في السمارة
هام : هذه هي تواريخ إيداع ملفات الترشيح لإمتحانات الباكالوريا أحرار
إرتباك في حزب الإتحاد الدستوري بعد إنضمام العشرات من مناضليه لحزب الإستقلال بالعيون
الصحراء زووم تعزي قبيلة الشرفاء الرگيبات في وفاة المرحوم الشريف عبداتي ولد ميارة
بلدية المرسى وبلدية "ميري" يوقعان إتفاقية توأمة وتعاون
بعد تقاعس وكالة الحوض المائي ومندوبية الفلاحة بلدية العيون تتدخل لإنقاذ الساكنة من الناموس
إستثمارات تقدر بثمانية ملايين درهم لحماية مدينة كلميم من الفيضانات
مدينة أسا تحتضن الملتقى الجهوي حول الواحات نهاية الاسبوع الحالي
التصوف السني ودوره في تحصين الأمة موضوع ندوة علمية بالعيون
انطلاق عملية تسجيل الحجاج الذين تم اختيارهم عن طريق القرعة ابتداء من خامس يناير المقبل