الصحراء زووم : سيد احمد السلامي
في كلمة له خلال افتتاح الدورة الخامسة للجنة الوزارية المشتركة الجزائرية الإثيوبية المشتركة التي تحتضنها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، عاد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف لتكرار المواقف التقليدية لبلاده بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء.
واعتبر عطاف في سياق استعراضه لمواقف بلاده بشأن عدة قضايا، أنه فيما يتعلق بهذا النزاع، تتفاقم المعاناة والمآسي الناجمة عن الجمود في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، متباكيا على مقاربات سابقة تجاوزتها القرارات الأممية، بعد أن أثبتت عقمها وفشلها في أن تشكل أرضية لحل هذا النزاع.
كما كثف وزير الخارجية الجزائري في كلمته، من رسائل الغزل والود لاثيوبيا، حيث أثنى على "عمق العلاقات الثنائية"، واصفا إياها بـ"النموذجية" و"الاستراتيجية"، داعيا إلى أن تكون هذه العلاقة "زهرة تتفتح لتلهم إفريقيا وخارجها"، كما دعا إلى الوضع بعين الاعتبار "التقلبات العميقة والاضطرابات المتسارعة التي يشهدها العالم بأسره".
هذه اللغة المليئة بالرمزية والمجاملات السياسية، والحديث عن التقلبات العميقة والاضطرابات المتسارعة التي يشهدها العالم، لم تمر دون أن تُقرأ في سياق أوسع، يرتبط بشكل وثيق بتوجس الجزائر من انفراط عقد الدول التي تعترف بالبوليساريو، حيث لطالما شكلت إثيوبيا أحد أركان هذا المحور، فالجزائر التي ظلت تراهن على جبهة دعم إفريقية قوية لأطروحتها، تجد نفسها اليوم في مواجهة مشهد سياسي متغير، في ظل واقع إقليمي ودولي لم يعد يقبل بالخطابات الجامدة ولا بالمواقف الأيديولوجية القديمة.
فالمتغيرات الكبرى التي بات يعرفها نزاع الصحراء، خصوصا بعد الزخم الذي اكتسبه المقترح المغربي للحكم الذاتي، والدعم الدولي المتنامي الذي بات يحظى به، وتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا على دعمهما الثابت للسيادة المغربية على الصحراء، أربك حسابات الجزائر التي تتوجس من انعكاس هذه التحولات على مواقف الدول الإفريقية، وعضوية البوليساريو بالاتحاد الافريقي.
وتعد إثيوبيا فاعلا مهما داخل الاتحاد الإفريقي حيث تحتضن عاصمتها مقر المنظمة القارية، ورغم احتفاظها بعلاقات مع البوليساريو، بيد أنها في السنوات الأخيرة ظلت تتبنى مواقف متوازنة، نائية بنفسها عن السياسات الجزائرية المدعومة من جنوب إفريقيا، التي سعت لتحويل الاتحاد الإفريقي لمنصة لمهاجمة الوحدة الترابية للمغرب، كما أنها دعمت وبقوة عودة الرباط إلى المنظمة الإفريقية، وعملت على بناء علاقات وثيقة مع المملكة، ما يرشح هذا البلد المحوري في منطقة شرق القارة، والذي يتمتع بثقل هام في صناعة القرار الإفريقي، إلى أن ينخرط بشكل أكبر في مسار دعم الحل الواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء، القائم على مقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب كحل جاد وذي مصداقية، ويحظى بتأييد متزايد على الصعيدين الإقليمي والدولي.