الصحراء زووم : عبد القادر داود

بصم أعضاء المجلس الوطني لحزب الاستقلال المجتمعون ببوزنيقة، على نجاح استثنائي في محطة تنظيمية على درجة عالية من الأهمية لإنجاح المؤتمر العام المقبل للحزب، نجاح لم يكن من باب الصدفة بقدر ما كان ثمرة للمفاوضات المكوكية التي قادها سيدي محمد ولد الرشيد عضو اللجنة التنفيذية المسؤول الوطني الأول عن الهيآت والروابط المهنية والتنظيمات الموازية، والتي كرست للتوافق وجسدت انتصار الذكاء الجماعي للقيادة الإستقلالية كما جاء في كلمة الأمين العام للحزب نزار بركة.

محطة تجسد وحدة الصف وتؤكد أن الفترة الماضية التي طبعها بعض الفتور، لم تكن سوى سحابة صيف عابرة، وأن تنظيمات الحزب وقيمه الأصيلة ونخبه القيادية تملك كل الكفاءة والقدرة والإرادة، على تدبير اختلاف الرؤى وتباين التوجهات داخل البيت الإستقلالي، بل إن قوة الحزب تنبع من النقاش السياسي العميق، والتدافع السياسي البعيد عن الشخصنة، بقدر ما تحكمه الاستراتيجيات الكبرى والبحث الدائم والدؤوب عن المقاربات الأصلح والأنفع للحزب لكسب مختلف الرهانات المستقبلية من محطات تنظيمية أو استحقاقات انتخابية.

لقد كانت لافتا في اجتماع برلمان الحزب، الأجواء الحميمية والابتسامات الطاغية على وجوه قيادات الصف الأول بالحزب والعناق الحار الذي جمعهم، في مشهد يدل على تجاوز الأزمة، حيث تنفس الجميع الصعداء بعد أن جرت مياه كثيرة تحت جسور الحزب وتنظيماته، وهو ما يثبت أن ضمير الأمة قد يمرض لكن أبدا لن يموت.

لقد شكل سيدي محمد ولد الرشيد في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الحزب، بيضة القبان التي عدلت كفتي الميزان، حيث كان بمثابة طوق النجاة لبعث الحزب من تحت الرماد، وتجسير هوة الخلافات من خلال الإجتماعات المكثفة التي عقدها مع مختلف قيادات الحزب، والتي قادها بكل حنكة واقتدار وبحكمة رجال الدولة الكبار، الذين يسطرون الأهداف وفق خطط مدروسة وجهود دؤوبة لا تكل أو تمل دون كسب الرهانات وتحقيق الأهداف والمرامي المرجوة، والتي كان في مقدمتها عبور هذه المحطة الفاصلة بسلام دون انقسامات أو تصدعات بالجسم الإستقلالي.

إن المسؤولية الجسمية التي انبرى القيادي الاستقلالي سيدي محمد ولد الرشيد للإضطلاع به منفردا، في هذه المرحلة الصعبة وتحمل أعباءها بالرغم من إكراهاتها الجمة وحساباتها الدقيقة تكشف معدن الرجل الوفي لمبادئ ولقيم الحزب الخالدة، كما تعكس الكاريزما التي يتمتع بها في الوسط الاستقلالي ومدى حرصه الشديد على صورة الحزب، إن داخليا في صفوف المناضلات والمناضلين، وإن خارجيا لدى الرأي العام الوطني، الذي تابع وعن كثب مختلف تفاصيل ومستجدات التطورات التنظيمية للحزب، متابعة نابعة من المكانة التي يحظى بها الحزب لدى الشعب المغربي وما يمثله من نضالات وقيم الحرية والإنعتاق من براثين الإستعمار، والذي بذل من أجله الرعيل المؤسس كل غال ونفيس.

اليوم وعقب طي هذه الصفحة وإزالة العقبات والإشكالات الكبرى التي اعترضت هذا المخاض العسير، وبعد أن باتت الطريق إلى المؤتمر الثامن عشر معبدة بالورود، حُق للإستقلالين والاستقلاليات أن يمدو أرجلهم، وهم مطمئنون على مستقبل بيتهم الجامع، وكلهم اقتناع بأن للبيت مناضلين مخلصين يحمونه، وأن رجالات الحزب من طينة سيدي محمد ولد الرشيد، لن يألوا جهدا في المحافظة على هذا الإرث التاريخي مهما كانت الأثمان ومهما بلغ حجم التضحيات.

Tweet