الصحراء زووم _ الجهـوية المتقدمة وإشكالية التقطيع الترابي

 



أضيف في 12 دجنبر 2014 الساعة 00:21


الجهـوية المتقدمة وإشكالية التقطيع الترابي


       

بقلم //عتيق السعيد :

تعد الجهوية بمفهومها الحديث مجالا محددا وضروريا لتحقيق الانسجام بين العديد من الوحدات الترابية الإداريةبغيت النهوض بمؤهلاتها الطبيعية والمادية في إطار متكامل ومتوازن، كما أنها قد تعتبر نمط من التعبير عن تصور مجتمع ما لحاجاته ومشكلاته وإمكاناته، والكيفية التي يراها مناسبة لتدبير هذه الأمور والتحكم فيها و بالتالي فهي بمثابة آلية تدبيرية يفترض فيها أن تندرج ضمن استراتيجية تخطيطية، ترابية  شمولية ومتكاملة ناظمة لكل الجهات والقطاعات

فالجهة تشكل ذلك الفضاء الخصب للتشاور و التواصل في مجال التنمية بشتى أنواعها الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وبالتالي فهي تمثل ذلك الرهان الكبير، المتوخى منه إستكمال بناء الصرح المؤسساتي للمملكة، وتوسيع مجال المشاركة السياسية الديموقراطية، بحيث أصبح الرهان اليوم موجها نحو الجهة كسياسة ترابية بديلة لتطوير مناطق الدولة وأيضا الإطار الملائم لمعالجة الفوارق بين المناطق لبلورة مخطط جهوي يعمل على سد الثغرات التي تركها التقطيع الجهوي السابق

   وبذلك فالرقي بها كمؤسسة دستورية لم تأتي وليدة الصدفة فقد تبوأت مكانة مرموقة على مستوى النظام السياسي المغربي، وتجسدت بوضوح فيمختلف الدساتير المغربية حتى دستور 2011، و أيضا الخطابات الملكية لعل أبرزها "خطاب 9 مارس" الذي كان متقدم بشكل كبير فاقتوقعات اللجنة الإستشارية للجهوية و هنا نتحثعن دسترة الجهوية كسياسة ترابية حديثة تفرض وضع سقف لما ينتظر منها في المستقبل

فقد أصبح الرهان اليوم موجها نحو الجهوية المتقدمة بإعتبارها الإطار الملائم لمعالجة الفوارق بين المناطق لبلورة مخطط ترابي ناجح يسد الثغرات التي تركها التقطيع الجهوي السابق، نظرا لكون المغرب قد عرف مباشرة بعد حصوله على الإستقلال تحديات كبيرة من أبرزها مشكل الفوارق الاجتماعية بين الجهات التي وضعها المستعمر بغية تحديد دقيق للمناطق التي يتم إستغلالها و الاستفادة منها و فق سياسة تقسم المغرب إلى و جهتين مغرب نافع وأخر غير نافع، من أجل ذلك تفاقمت المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية، ليصبح الرهان اليوم موجها نحو الجهة باعتبارها الإطار الملائم لمعالجة الفوارق بين المناطق وبالتالي بلورة مخطط جهوي ناجح يسد الثغرات التي تركها التقطيع الجهوي السابق.

وتبدو أهمية التقطيع الجهويالذييتكون من 12 جهة بدل 16 جهة المعمول بها في التقسيم الحالي، بمثابة الأليةالتي تفرضها حتمية تسيير البلاد، فبدونه لا يمكن لأي جهاز إداري أن يتحكم في النظام العام لتحقيق الأمن، أوالاستقرار، وحتى لتأسيس لامركزية إدارية و بناء سياسة جهوية قادرة على تدبير شؤون البلاد.

لكن في مقابل ذلك فالتقطيع الترابي سواء تعلق الأمر بالجهوية المتقدمة أو بالتجارب الدولية المقارنة التي تبنت سياسة الجهة، لا يمكن له أن يكون تقطيع مثالي، وحتى إذا نظرنا إلى التقطيع الحالي لا يمكن أن نحمله مسؤولية فعالية السياسة الجهوية أوعليه يتوقف مستقبل التنظيم الجهوي برمته، لأن نجاح أي تقسيم ترابي رهين بمدى مساهمة الفاعلين فيه وإلى أي حد يتم تكريس الديمقراطية المحلية، وحتى يمكن إقامة تقطيع جهوي ذو فعالية فمن الطبيعي أن يأخذ في الحسبان معايير موضوعية تضمن له الاستمرارية، على أساس تحقيق توازن منطقي ومنصف بين مختلف المناطق بغية إدماجها في مسيرة التنمية.

الإيجابي في مشروع التقسيم الجديد هو كونه يعمل على تقليص المساحات الجغرافية فالأكيد أن التقسيم الجديد قدم أيضا نماذج من ما سيمى بالقطبية التنائية، بمعنى أن وجود قطبين إقتصاديين متكاملين سيقودان القاطرة التنموية للجهة على سبيل المثال –فاس مكناس و طنجة- تطوان.

أما بالنسبة للجهات التي قد تكون ضعيفة على المستوى الاقتصادية فنجدأن الفصل 142 من دستور 2011 ينص على إحداث صندوق للتضامن الاجتماعي يعدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية و البنية التحتية الأساسية و التجهيزات، و يحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات بهدف التوزيع المتكافئ للموارد قصد تقليص الفوارق بينها.

 

 ما نخلص له في الأخير، هو مسألة  الموارد المالية على إعتبار أنها الوعاء الذي تطوب في قعره جل المشاكل بمختلف أنواعها إقتصادية إجتماعية و سياسية و ثقافية،فهي بيت القصيد في نجاح نظام اللامركزية الإدارية بحيث أن موارد الجهات التي وجب عليها ان تكون مواردقارة و مستقلة، كفيلةبتمويل مشاريعها التنوية، وبالتالي فلا يمكن أن نعتبر أن التقطيع له دور في عدم فعالية المخطط الجهوي باختلاف التجارب الجهوية المقارنة سواء تعلق الأمر بالجهوية السياسية أو الجهوية الإدارية، فقد نجد مثلا النظام الفيدرالي الذي تعتمد عليه ألمانيا حاليا، يعطي الجهات موارد مالية ينص عليها الدستوركما أنها تقتسم معظم مواردها المالية التمويلية مع الاتحاد الفيدرالي. فالموارد المالية و البشرية هي محرك التنموي للبلاد.





أضف تعليقك على المقال
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




أقرأ أيضا
الحكم الذاتي والجهوية الموسعة..
سيدي إفني، هل فقدنا الأفق؟؟؟
فيضانات كلميم الدروس والعبر..فهل من معتبر؟؟؟
2015 : للصحراء رب يحميها
سياسة الحيوانات ؟
عفوا لست بشارلي...!!
عدنا والعود أحمد...حرية الرأي والتعبير.. إلى أين ؟؟؟
المعطل الصحراوي، بين مطرقة التخبط والإرتزاق و سندان الإقصاء.
توفيق بوعشرين: طاحت الصمعة علقوا الحضرمي
مدن الجامعات و المدن الفارغات