الصحراء زووم : عزيز حمدي
أكدت الأستاذة والباحثة المغربية ماجدة كريمي أن دسترة الحسانية والدعوة إلى صيانتها " تõعد بحق شكلا من أشكال الديمقراطية الثقافية بل ومكسبا للتنمية الاجتماعية بالأقاليم الصحراوية المغربية، إذ جعل الدستور الجديد للمملكة من الإنسان محور جميع الإصلاحات وفي صõلب كل المبادرات التنموية" .
وقالت كريمي، أستاذة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، في محاضرة ألقتها، مساء أمس الخميس بالمركز الثقافي المغربي بنواكشوط، في موضوع "الحسانية بالمغرب وموريتانيا : التراث المشترك "إن مغرب العهد الجديد انخرط في ورش تنموي مõتعدد الأوجه، تبقى إحدى أهم زواياه حفظ الخصوصيات الثقافية لمختلف جهاته، ومنها الأقاليم الصحراوية إذ خصها دستور 2011 بمكاسب متقدمة، وبالأخص حينما كرس الحسانية كأحد مقومات الهوية الثقافية المغربية المõوóحدة، وأناط بالدولة مسؤولية صيانتها وتنميتها.
وقالت الأستاذة كريمي، رئيسة مركز الدراسات والأبحاث "الصحراء المغربية: التنمية الجهوية والإمتداد الإفريقي" إنه إذا كان الدستور المغربي الجديد قد دعا لصيانة الحسانية " فذلك يعتبر تقعيدا لتطبيق مقترح الحكم الذاتي الذي يحترم بموجبه هوية وثقافة وتاريخ سكان الصحراء" مضيفة أنه لا يمكن بالتالي لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية إلا أن يكون "تóرúجمة مجالية للخيارات السياسية الكبرى لبلادنا في إطار جهوية موسعة تنبني على حكامة إدارية وسياسية يتحقق فيها المستوى المطلوب من اللا مركزية".
وأكدت المحاضرة أن المغاربة تعاملوا على الدوام مع بعضهم البعض ومع الدول الأخرى على أن هويتهم مõتنوعة في مشاربها الثقافية وفي عاداتها وتقاليدها ولهجاتها، وبالتالي فإن الأقاليم الجنوبية من المملكة، والتي تتميز بالتراث الحساني، لا يمكن إلا أن تستفيد من عمل مشترك مع جارة شقيقة لها نفس الخصوصيات التراثية.
وترى المحاضرة أنه إذ اكان المستقبل المõشترك بين البلدين الشقيقين المغرب وموريتانيا ينميه اعتزازهما بالانتماء إلى الجسد الإفريقي وحرصهما على المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار والنماء والرخاء للأسرة الإفريقية، فإن الحاضر المõتقاسم بينهما يقوي نجاح هذا الطموح خاصة وأنه يستحضر تنشيط العلاقات بينهما على مختلف المستويات (الدبلوماسي ، والأمني ، والثقافي ، والصحي ، والاقتصادي....) دون إغفالهما الدور القوي والمتميز الذي يحظيان به في خدمة النمو الإفريقي المنتظم عن طريق تفعيل الاتحاد المغاربي بتجاوز كل ما من شأنه أن يõحبط هذا المشروع الهام الذي سيعود بالنفع على الدول الأعضاء ثم على الأسرة الإفريقية ككل.
في معرض حديثها عن المستقبل والحاضر، أشارت المحاضرة إلى أن أساس متانة هذا الحاضر والمستقبل المشترك بين البلدين يؤسس له ماض قوي يحمل في جوفه من بذور التوحد والتكامل الشيء الكثير، ومن إحدى هذه البذرات الحسانية باعتبارها تراثا مشتركا بين المغرب وموريتانيا.
واعتبرت أن اقتحام مجال إحياء وصيانة التراث الحساني من طرف النخبة المثقفة بكل من المغرب وموريتانيا ووضعه في سياقه الراهن وذلك بمحاولة التعويل عليه لاقتراح حلول تنموية بالبلدين، يبقى الرهان الكبير وذلك ب " إعادة تأويله وإخضاعه للنقد لأن التراث ولو كان فاعلا، فهو ليس فوق النقد وليست كل عناصره مقبولة وغير قابلة للتصحيح، ولكن شريطة أن يتم ذلك دون رفضه أو نبذه كقوة فاعلة تساهم في تحقيق تنمية مستدامة ".
واقترحت الأستاذة ماجدة كريمي على النخب المثقفة بالبلدين الالتفاف في الخطاب حول أهم عوامل التقارب بين المغرب وموريتانيا ومنها الحسانية باعتبارها "اكسير الوحدة بين الطرفين" وأن تكون هذه النخب حاضرة بكل رصانة وحكمة في تجاذب ثقافي سمته ب " الصراع الثقافي-الثقافي"، داعية في ذات الوقت المؤرخين إلى أن يكونوا "فاعلين باقتحامهم مجاهل القضايا التاريخية ليقدموا فيها الجديد وذلك انطلاقا من مقومات أربعة وهي الإنسان والحدث والزمان والمكان".
وخلصت المحاضرة إلى القول إنه "إذا كان المكان جعل من المغرب وموريتانيا جارين لا محيد لهما عن بعضهما البعض، فليكن هذا المكان عامل قوة لصنع الحاضر والمستقبل باستلهام من ماضي فيه من خصائص التوحد والتآخي الشيء الكثير".
وقد تتبع هذه المحاضرة ثلة من الوزراء والسفراء السابقين وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بنواكشوط والأساتذة الجامعيين والباحثين ورجال الإعلام والطلبة.
وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذة ماجدة كريمي، توجد حاليا في نواكشوط في إطار التعاون القائم بين شعبتي التاريخ لمستوى الماستر بين جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس وجامعة نواكشوط، حيث ألقت سلسلة من المحاضرات حول " تجارة القوافل عبر الصحراء