الصحراء زووم _ صراع دبلوماسي محتدم بين المغرب والجزائر قبل القمة الإفريقية لحسم عضوية البوليساريو بالإتحاد الإفريقي

 



أضيف في 19 يناير 2021 الساعة 18:19


صراع دبلوماسي محتدم بين المغرب والجزائر قبل القمة الإفريقية لحسم عضوية البوليساريو بالإتحاد الإفريقي


الصحراء زووم : اشكيريد مصطفى

قبل أسابيع قليلة من انطلاق القمة الإفريقية المقررة في 6 من فبراير المقبل بأديس أبابا، شرع وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم في جولة أفريقية، شملت عددا من الدول التي تعترف بجبهة البوليساريو، في زيارة تهدف من ورائها الجزائر إلى تنسيق المواقف مع هذه الدول قبيل القمة الإفريقية المرتقبة، والتي يتوقع أن تشهد فصلا جديدا من المواجهة الديبلوماسية بين أطراف نزاع الصحراء وحلفائهم داخل هذا التكتل القاري.


فبعد زيارة قادته الشهر الماضي إلى نيجيريا أين بحث مع المسؤولين هناك ملفات وقضايا إقليمية ودولية وعلى رأسها نزاع الصحراء، على ضوء ما أسماه بيان للخارجية الجزائرية "التطورات الأخيرة المثيرة للقلق الشديد في الكركرات"، شرع الوزير الجزائري للشؤون الخارجية الأسبوع الماضي، في زيارة لجنوب أفريقيا الحليف التقليدي للجزائر بالقارة السمراء، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس الجنوب افريقي سيريل رامافوزا، ووزيرة العلاقات الخارجية ناليدي باندور، ركزت على بحث عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها النزاع الإقليمي حول الصحراء.


الجزائر أعلنت في بيان لوزارة خارجيتها، بأن الجانبين وفيما يتعلق بمسألة الصحراء، قد عبرا عن "قلقهما الشديد" من تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة، كما شددا على "ضرورة تضافر جهود الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، من أجل الشروع في عملية سياسية حقيقية للوصول إلى تسوية نهائية لهذا النزاع، وفقا للقرارات واللوائح الدولية ذات الصلة الصادرة عن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة"، وكذا دعمهما "الكامل" لتعيين "فوري" لمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة.


بعد جنوب إفريقيا سيحل بوقادوم بالليسوتو الواقعة داخل حدود جنوب إفريقيا والمتماهية مع سياساتها، حيث بحث مع المسؤولين هناك الأوضاع في القارة الإفريقية، وعلى رأسها الوضع في الصحراء، وأشار بيان للخارجية الجزائرية إلى أن الطرفين "قد شددا على ضرورة أن يعمل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بالتشاور، من أجل إطلاق مسار حقيقي من شأنه حل هذا النزاع"، فيما أشارت وزيرة الخارجية بالليسوتو ماتسيبو موليز راماكو، إلى أن بوقادوم حمل رسالة "شكر وتقدير من الرئيس عبد المجيد تبون لليسوتو على موقفها من نزاع الصحراء"، لافتة إلى أن الجزائر طلبت من بلادها باعتبارها عضوا بمجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي "دعمها في جهودها لدفع هذا النزاع الإقليمي".


وفي إطار ذات الجولة، قام رئيس الديبلوماسية الجزائرية بزيارة إلى كل من أنغولا وكينيا اللتين من الدول التي تعترف بالبوليساريو، بيد أن الخارجية الجزائرية لم تقدم أي تفاصيل تبسط من خلالها مواقف هذين البلدين من نزاع الصحراء، مكتفية بالاشارة إلى وجود تطابق في المواقف بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما قد يشير إلى وجود تململ في صفوف جبهة البلدان الإفريقية المعروفة بموالاتها لأطروحة البوليساريو، في ظل المتغيرات الجيواستراتيجية التي بات يعرفها هذا النزاع، بعد الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، واتساع رقعة الدعم الدولي لخطة الحكم الذاتي المغربية، وكذا افتتاح العديد من الدول لقنصليات بالأقاليم الجنوبية، فضلا عن التأييد الدولي الواسع الذي حظي به حسم المغرب لمعركة الكركارات، معطيات ومتغيرات تدرك معها العديد من الدول الإفريقية، بأن هناك توجها دوليا، بات ينحو في اتجاه تجاوز المقاربات السابقة التي ظلت تحكم هذا النزاع.


وتندرج جولة وزير الخارجية الجزائرية بدول جنوب وشرق القارة الإفريقية، بحسب محللين سياسيين جزائريين، في إطار سعي الجزائر إلى استعادة زمام المبادرة في عدة ملفات إقليمية وقارية، مشيرين إلى أن هناك "مساع واضحة للدبلوماسية الجزائرية لعقد اتفاقيات تعاون على مستوى الدول الأقطاب في القارة الإفريقية"، وكذا "حشد الدعم الإفريقي لصالح الموقف الجزائري من نزاع الصحراء، الذي تضعه الجزائر في صلب علاقاتها الأفريقية"، وذلك بهدف مواجهة ما وصفوه بالتمدد الديبلوماسي المغربي المتواصل داخل القارة الإفريقية، والذي أسفر عن افتتاح العديد من القنصليات الأفريقية بالأقاليم الجنوبية، بلغت 15 قنصلية تمثل عدة بلدان افريقية من شتى أنحاء القارة.


فالجزائر التي تدرك بأن عودة المغرب للاتحاد الأفريقي تندرج في إطار استراتيجية ديبلوماسية تروم من خلالها الرباط تعزيز حضورها بالمنظمة القارية ومد الجسور مع العمق الإفريقي للمملكة، وذلك في أفق العمل على اخراج جبهة البوليساريو منها من بوابة تغيير الميثاق التأسيسي للإتحاد الإفريقي، حيث ستعمل جاهدة بدعم من حلفائها ودبلوماسييها المتغلغلين بهياكل ودواليب الاتحاد، على الحفاظ على مقعد البوليساريو بالمنظمة الإفريقية، وقطع الطريق على أي تحركات دبلوماسية من جانب المغرب وحلفائه بالإتحاد، لتصحيح ما تعتبره الرباط خطأ تاريخيا ارتكبته منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1984، بضغط من الجزائر والعقيد الليبي معمر القذافي، وبتواطؤ من أمين عام المنظمة آنذاك الطوغولي آدم كودجو بإقحامها لحركة لا تتوفر على مقومات الدولة، ولا تحوز الإعتراف الدولي.


كما ستسعى الديبلوماسية الجزائرية من خلال توظيف مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي يترأسه مواطنها اسماعيل شرقي، إلى إعادة نزاع الصحراء إلى البيت الإفريقي الذي كان المبادر برعاية جهود البحث عن حل له منذ نهاية السبعينات، والتي انتهت بتبني مخطط تسوية أممي افريقي، وقد تعمل على الترويج لاتفاق جديد لإطلاق النار يمهد لعملية سياسية جديدة برعاية افريقية، بعد أن أعلنت البوليساريو من جانب واحد، أنها باتت في حل من الاتفاق الموقع سنة 1991 برعاية أممية.


محاولة الجزائر بعث الدور الإفريقي في حل هذا النزاع واعادة النزاع للملعب الإفريقي، تأتي بعد أن باتت أبواب مجلس الأمن موصدة في وجه الحل الذي ظلت الجزائر تراهن عليه، ألا وهو إجراء "الإستفتاء"، وذلك بعد الإختراق الديبلوماسي الكبير الذي حققته الرباط بمجلس الأمن، إثر قرار واشنطن الإعتراف بمغربية الصحراء، وتشديدها على أن لا حل خارج مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، في ظل حديث عن توجه مغربي لتفعيل تحركات ديبلوماسية بالأمم المتحدة، بدعم من دول كبرى وازنة، لتشطيب نزاع الصحراء من اللجنة الرابعة، ومن لائحة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وكذا العمل على إصدار قرار جديد من مجلس الأمن يعيد صياغة اسم ودور بعثة المينورسو، بما يسقط القرار رقم 690 (1991) الصادر في 29 أبريل 1991، الذي تم بموجبه انشاء البعثة، وذلك بما يتماشى وتأكيد القرارات الأممية على أن الاستفتاء قد أصبح متجاوزا، وينسجم و المتغيرات الدولية الكبرى بالنزاع على ضوء القرار الأمريكي الجديد .


هذه التحركات الديبلوماسية للجزائر، لإقحام الإتحاد الافريقي في جهود البحث عن حل لنزاع الصحراء، ينتظر أن تصطدم بالموقف الحازم للمغرب، المعزز بانتصارات ديبلوماسية هامة حققها على صعيد تعزيز وحدته الترابية، بدءا بمسلسل افتتاح القنصليات بالأقاليم الجنوبية، مرورا بحسم معركة الكركارات، وانتهاء بالإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فالمغرب الذي ما فتئ يشدد على أن النزاع هو اختصاص حصري للأمم المتحدة، يتم معالجته على مستوى هذه المنظمة الدولية، وأن الإتحاد الإفريقي مدعو لدعم هذا المسلسل، دون خلق مسلسل مواز أو أدبيات مختلفة عن أدبيات المنظمة الأممية، قد استبق هذه المحاولات بإجراء اتصالات وتحركات ديبلوماسية، حيث أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي ناصر بوريطة محادثات هاتفية مع وزير الخارجية النيجيري تم خلالها بحث القضايا ذات الإهتمام المشترك.


 كما نظمت الرباط بالتنسيق مع واشنطن، مؤتمرا وزاريا بمشاركة وازنة للعديد من الدول الإفريقية، خرج ببيان ختامي شدد على أن مبادرة الحكم الذاتي تعتبر الإطار الوحيد لحل نزاع الصحراء، مؤكدا على الدور الحصري للأمم المتحدة في حل هذا النزاع، فيما يرتقب أن تواصل الدبلوماسية المغربية هذه الإتصالات والتحركات في الأيام القليلة المقبلة لتنسيق المواقف، وهو ما يشير إلى أن المنظمة القارية ستكون مسرحا لمواجهة ديبلوماسية حامية الوطيس.





أضف تعليقك على المقال
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




أقرأ أيضا
افتتاح أكبر مسجد بالصحراء في السمارة
هام : هذه هي تواريخ إيداع ملفات الترشيح لإمتحانات الباكالوريا أحرار
إرتباك في حزب الإتحاد الدستوري بعد إنضمام العشرات من مناضليه لحزب الإستقلال بالعيون
الصحراء زووم تعزي قبيلة الشرفاء الرگيبات في وفاة المرحوم الشريف عبداتي ولد ميارة
بلدية المرسى وبلدية "ميري" يوقعان إتفاقية توأمة وتعاون
بعد تقاعس وكالة الحوض المائي ومندوبية الفلاحة بلدية العيون تتدخل لإنقاذ الساكنة من الناموس
إستثمارات تقدر بثمانية ملايين درهم لحماية مدينة كلميم من الفيضانات
مدينة أسا تحتضن الملتقى الجهوي حول الواحات نهاية الاسبوع الحالي
التصوف السني ودوره في تحصين الأمة موضوع ندوة علمية بالعيون
انطلاق عملية تسجيل الحجاج الذين تم اختيارهم عن طريق القرعة ابتداء من خامس يناير المقبل