رأس الفساد المالي والإداري بالقطاع الرياضي.. شباب المسيرة نموذجا

الصحراء زووم : سيد أحمد السلامي

في إطار الندوة الصحفية التي إختار حسان الدرهم تهريبها لمدينة الدار البيضاء، والتي عمد من خلالها الى تمرير جملة من المغالطات من قبيل القول ان فريق شباب المسيرة ينافس بالبطولة الإحترافية، وبأن الفريق ممنوع من لعب المباريات بملعب الشيخ محمد لغظف، وهي مغالطة فجة حيث أن الفريق ومنذ عقود يسابق القهقرة للنزول لذيل الترتيب بالقسم الثاني، وبما أن الشيء بالشيء يذكر لا غضاضة في فتح ملف الفساد المستشري بهذا النادي الرياضي.

فعلى الرغم من الدعم المالي السخي الذي يتلقاه نادي شباب المسيرة والذي يوجه بالأساس لخدم وحراس وحاشية الرئيس وبعض اعضاء مكتبه، فإن السقوط الحر والفاضح يبقى أقل وصف يمكن أن يوصف به حال نادي شباب المسيرة الرياضي لكرة القدم، والذي يمثل مدينة العيون حاضرة الأقاليم الجنوبية للمملكة أسوء تمثيل، وذلك في ظل رغبة وتشبث المكتب المُسيّر للفريق، برئاسة حسن الدرهم، بالبقاء في القسم الوطني الثاني، من أجل التلاعب بالميزانية المالية كما تهوى النفوس الخبيثة.

هذا النادي العريق، الذي تأسس سنة 1977 وحمل في بداياته اسم القوات المساعدة، قبل أن يتم تغييره إلى شباب المسيرة، بات اليوم يعيش أوضاعا كارثية في ظل تشبث حسن الدرهم بالمنصب وإصراره على تشويه حاضر النادي بعدما كان له ماضٍ مُشرّف.

الآن وفي زمننا هذا، فإن رئيس النادي حسن الدرهم يأبى إلا أن يعقد الجموع العامة لشباب المسيرة خلف أسوار عالية، بعيدا عن عيون الصحافيين وعدسات كاميراتهم، وذلك في دليل واضح وصريح على غياب الشفافية والديمقراطية.

حسن الدرهم، هو أقدم رئيس نادي مغربي، حيث يترأس شباب المسيرة منذ 27 سنة، ولم يحقق خلالها أي إنجاز يّذكر، عدا الإنجازات الشخصية التي حققها لنفسه ومُقرّبين منه، بتبديد ميزانية النادي وتحويلها لصالح سفرياته وسفريات عائلته وأصدقائه وعطلهم.

هذه الأوضاع الكارثية التي لا تليق بنادٍ كان يُراد له ان يُمثّل إحدى أهم مدن الصحراء المغربية، يراها مُسيّرو النادي أوضاعا مُريحة، تُمكّنهم من الاختلاس السهل للميزانية، ضاربين عرض الحائط رغبات وأصوات سكان مدينة العيون الراغبين في مشاهدة فريقهم وهو يعود إلى الصفوة للمنافسة على البطولة الوطنية الاحترافية.

لا عودة للقسم الوطني الأول ولا تأهّل على مستوى كأس العرش، من فشل لآخر، يواصل المكتب المسيّر لـ"JSM" صياغة أسوء حقبة في تاريخ النادي الصحراوي، الذي كان قبل سنوات قليلة يستضيف بالعيون أندية عريقة كالرجاء والوداد البيضاويين والجيش الملكي.

كيف يُعقل أن مدينة يبذل فيها كافة المتدخلين قصارى جهودهم للمضي بها قدما اقتصاديا واجتماعيا وثقافية، لتأتي الرياضة، عبر نادي شباب المسيرة، وتهدم كل ما يصبو إليه الغيورون على العيون وتاريخها وصورتها أمام باقي المدن المغربية.

هذا، ويرى أهل الصحراء أن العيون، وبالنظر لما تعيش المدينة من تقدم تنموي هام في مجالات هامة، على رأسها ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي، فهي تستحق أيضا أن يكون له حاضر رياضي مُشرّف، يتباهى به أبناء الغد كتاريخ حافل لنادي شباب المسيرة الرياضي لكن، لا حياة لمن تنادي.

 لقد كان فريق شباب المسيرة وقبل  أن يتولى  زمام أموره حسن الدرهم، يعد من أندية النخبة على الصعيد الوطني، فخصومه كانوا يحسبون له ألف حساب، كما كانت تعج جنبات ملعب الشيخ محمد الأغظف بالآلاف من المشجعين والمناصرين، وضم بين لاعبيه خيرة المواهب الوطنية، تحت قيادة المدرب السابق والقدير مصطفى مديح، وذلك قبل أن يتولى رئاسته حسن الدرهم، حيث كانت هذه الرئاسة كفيلة وفي فترة وجيزة بجعله من أندية القاع ومؤخرة جدول الترتيب.

رئاسة حسن الدرهم والتي استمرت لأكثر من 27 سنة، حتى بات أقدم رئيس لفريق كرة القدم في المغرب، كانت عنوانا لسنوات عجاف مر بها هذا النادي الذي تحول من فريق درجة أولى إلى فريق هواة أثناء حقبته، ويعود هذا الوضع بالدرجة الأولى إلى بسطه ديكتاتوريته على النادي، ومنع حق الانخراط لكل مواطن يرغب في ذلك، حتى يتسنى له الانفراد بتسيير النادي.

إنما يحز في النفس وتأسف له المهج، أن تشاهد جماهير المنطقة فريقها الأول لكرة القدم، والذي كان بالأمس القريب ينافس كبار أندية المملكة على لقب الدوري المغربي، وكأس العرش، يتهاوى ويتقهقر من درجة إلى أخرى أدنى منها، فكيف لمن كان يحمل لواء تمثيل الأقاليم الجنوبية برمتها، أن تصير شباكه سلة لأهداف اندية الدرجة الثانية ودرجة الهواة، كيف لفريق بميزانية ضخمة، أن يكمل مبارياته ب10 وتسعة لاعبين، ليس بسبب طرد الحكم لأحدهم، وإنما لإصابة أحد اللاعبين وغياب بديل له على دكة البدلاء، بالرغم من أن المنطقة تزخر بالعديد من المواهب المحلية القادرة على الدفاع عن ألوان الفريق والرفع من شأنه.

ليبقى التفسير المنطقي والوحيد لهذا الفشل والإخفاق المدوي والأوضاع الكارثية التي آل إليها حال الفريق، أن رئيس النادي وأعضاء مكتبه، يفضلون الإعتماد على لاعبين من خارج الإقليم، هؤلاء اللاعبون وعلى قلتهم يتقاضون الفتات من الأجور، بينما  الرئيس والمحظوظون من أعضاء مكتبنا المبجل يغمرهم النعيم حتى مفاصل ركبهم، وهو ما يفسر الاجتماعات السرية لأعضاء المكتب، بعيدا عن عدسات الإعلاميين والمتتبعين للشأن الرياضي، حتى تكتمل أركان جريمتهم المنظمة والمحبوكة بإتقان.

هذا المكتب المنزوع الصلاحية حيث الرئيس حسان الدرهم الآمر الناهي، ينتخب نفسه ويزكي نفسه، فالتجديد ممنوع في قواميسه وهو من البدع في معتقداته، والنقد والحوار مرفوض حسب دستوره، فقط النهب ثم النهب هو شعاره، و البكاء والتنصل من المسؤولية عند كل انتكاسة أو خسارة للمباريات، فكيف نرجوا الفوز والمجد من فريق رئيسه لا يكلف نفسه عناء حضور مبارياته، رئيس منغمس في مصالحه الخاصة، ومشغول بملفات فساده المعروضة على أنظار القضاء، رئيس سجله حافل بعناوين الفشل أينما حل وارتحل، فبقايا وآثار الفشل لازالت عالقة في وجدان وذاكرة سكان الداخلة والمرسى والعيون، وهاهو فيروس الفشل الموسوم به شخصه، يصيب القطاع الرياضي، بعد أن حول النادي من نادي عظيم وناجح، إلى فريق أضحى أضحوكة أندية الهواة.

وعليه لم يعد من العقل والمنطق الرضوخ والقبول بواقع النادي البائس، وبات لزاما على كل حر وغيور على المنطقة ومستقبلها، إعلاء الصوت والصراخ، رفضا وإنكارا لهذه المذبحة الرياضية التي يتعرض لها النادي، فهذا الأخير ليس ملكا لحسن الدرهم أو مكتبه، وإنما هو ملك لكل ساكنة الإقليم بل لكل الأقاليم الجنوبية، فإن كان يعتبره إحدى ضيعاته الفلاحية، فلنا أن نذكره أنه ملك عمومي ويمول من خزينة الدولة وليس من ماله الخاص، لذا على كل القوى الحية بالمنطقة والجهات الوصية على القطاع، أن تتدارك ما يمكن تداركه، ووضع حد لهذا الرئيس الذي عصف بمنجزات الفريق إلى الهاوية بسرعة الضوء، واقع بات يحتم أن تشرع أبواب النادي أمام رياح الديمقراطية وروح التجديد ومبادئ ربط المسؤولية والمحاسبة كما جاء على لسان هو نفسه بندوة الصحفية المنصرمة .