الصحراء زووم _ خاص : أزمة الكركرات الى أين ؟

 



أضيف في 16 غشت 2019 الساعة 22:53


خاص : أزمة الكركرات الى أين ؟


الصحراء زووم : سيد احمد السلامي


بعد البيان الأخير للحكومة الاسبانية، والذي اعلنت خلاله عن دعمها الكامل لتعميق التنسيق بين المغرب وموريتانيا وتأمين حركة النقل عبر المعبر الحدودي الكركارات، وجه النائب عن حزب الشعب الاسباني خواكين غارسيا دييز، دعوة للحكومة الإسبانية من أجل العمل على فتح معبر بري جديد بين موريتانيا والمغرب لتخفيف الضغط على معبر الكركرات.

اهتمام اسباني متزايد بضمان تأمين حركة العبور بين المغرب وموريتانيا، يعكس الأهمية التي توليها مدريد ومن ورائها أوروبا لحركة النقل البرية بمعبر الگرگارات، الذي يعتبر إحدى البوابات الرئيسية لاوروبا نحو افريقيا، وهو ما يعني ضمان المصالح الاقتصادية الأوروبية وخاصة الاسبانية منها، المرتبطة بولوج الأسواق الافريقية.

كما يأتي هذه الاهتمام في ظل اشتداد صراع المعابر بين بلدان المنطقة، والتنافس بين المغرب والجزائر على بسط النفوذ فيما يعتبرانه مجالهما الحيوي، وعمقهما الاستراتيجي الافريقي، حيث تعتبر موريتانيا بوابة البلدين نحو افريقيا خاصة الغربية منها، إذ قامت الجزائر بافتتاح معبر بري مع موريتانيا هو الأول من نوعه منذ استقلال البلدين مطلع الستينات، والذي بدا على انه محاولة لمنافسة معبر الگرگارات، خاصة وأنه تزامن مع التوتر الذي عرفه المعبر بعد نشر جبهة البوليساريو عناصر عسكرية بالمنطقة، كما تزامن مع تشييد المغرب لميناء أطلسي جديد بمنطقة امهيريز القريبة من الگرگارات، رصد له غلاف مالي  يناهز ــ 200 مليون درهم، حيث ينتظر أن يجعل من الصحراء نقطة للربط القاري بين إفريقيا وأوروبا.

فتح معبر شوم تندوف بين الجزائر وموريتانيا، رد عليه المغرب بالإعلان عن قرب افتتاح معبر مغربي ثان نحو إفريقيا يمر عبر السمارة والكلتة باتجاه الزويرات الموريتانية _ على الرغم من صعوبة تحقيقه - ، وهو المعبر الذي قد يخلق توترا جديدا مع جبهة البوليساريو على غرار ما وقع في معبر الكركرات، خاصة وانه لن يكون بعيدا عن مناطق انتشار الوحدات العسكرية للجبهة شرق الجدار الدفاعي.

صراع المعابر بالمنطقة المغاربية يتزامن كذلك مع الحروب والنزاعات التي تعرفها العديد من مناطق العالم، للسيطرة على المضائق والمعابر العالمية، على غرار حرب الناقلات المستعرة بين ايران والولايات المتحدة عند مضيق هرمز، والتي امتدت إلى جبل طارق، وكذا صراع الأطراف المتصارعة باليمن على السيطرة على باب المندب، الذي يكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة لحركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، والصراع الروسي الأوكراني على مضيق كيرتش منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، حيث تحاول موسكو وكييف السيطرة على هذا المعبر الإستراتيجي الرابط بين البحر الأسود وبحر أزوف.

حروب وصراعات وتوترات على المعابر والمضائق الدولية تؤكد الأهمية الاستراتيجية التي تشكلها الممرات البحرية والبرية في العلاقات الدولية، إذ يؤثر إغلاقها على حركة التجارة العالمية بشكل كبير، ويؤثر على أسعار السلع بشكل عام، وأسعار النفط بشكل خاص، كما أنها تستعمل كأوراق ضغط لكسب نقاط في الصراع المحموم للسيطرة على النفوذ في العديد من مناطق العالم.

 كما يأتي هذا التنافس على المعابر في المنطقة المغاربية، مع الركود الذي تعرفه العملية السياسية التي تقودها الامم المتحدة بالمنطقة منذ استقالة المبعوث الدولي هورست كولر، حيث يسابق أمينها العام أنطونيو غوتيريس الزمن للبحث عن مبعوث جديد، قبل نهاية الولاية الانتدابية لبعثة المينورسو، مع تصاعد الأسئلة المشككة في جدوى مهمة البعثة الأممية، وارتباط الأوضاع في الكركارات مع مسار السلام الذي تشرفه عليه المنظمة الدولية التي كررت مرارا وتكرارا أن تجنب التصعيد بهذه المنطقة، أمر بالغ الأهمية لتهيئة أرضية مواتية لاستئناف المفاوضات.

ويبقى الغموض السمة المميزة للموقف الموريتاني الذي انخرط في ظل حكم نظام ولد عبد العزيز المنتهية ولاية بشكل مكشوف في منح غطاء سياسي كامل للجبهة إبان أزمة الكركرات الأولى، تحت وطأة أزمة صامتة طبعت علاقات الرباط ونواكشوط، حيث كانت سيارات الجبهة تتنقل بكل حرية بالزويرات وتتزود بكل اريحية بما تحتاجه من مؤن ووقود قبل معاودة التمركز بالكركرات، وإن تباينت التفسيرات والتأويلات بشأن الموقف الموريتاني فإن الحرب الاقتصادية والسيطرة على المعابر لم تكون ببعيدة عن كل ذلك الحراك، فموريتانيا لا تنظر بعين الرضى لخطوة تشييد ميناء امهيريز وتستشعر تأثيراتها على ميناء نواذيبو .

ازمة تكشف مدى التداخل وتقاطع المصالح بالكركرات حد التناقض فالمغرب أعلن عزمه مواصلة تنمية المنطقة بدعم أوربي وبتحركات ضاغطة على الجانب الموريتاني للإنخراط ومباركة الخطوة، في مقابل موقف متشدد من جبهة البوليساريو الساعية لإجهاض المحاولات الرامية لبعث الحياة بما تعتبره ثغرة ناجمة عن اتفاق فض الاشتباك والاتفاق رقم 1 من وقف إطلاق النار، والطامحة للإستثمار سياسيا في هذا الوضع حتى النهاية .

استثمار يروم احياء الملف واعادته للواجهة بعد الخفوت الذي اعتراه عقب استقالة كولر، الى جانب تهيئة الظروف لتمرير مؤتمرها بنجاح، بالإضافة لتوجيه رسالة للإتحاد الأوربي أن الاتفاقات التجارية الموقعة مع المغرب تعتريها عقبات التنزيل وسلاسة المبادلات التجارية بالمعبر البري الوحيد، وبأنها رقم في المعادلة ينبغي اشراكه أو على الاقل تعويضه، وهي الرسالة التي يتجاهل او يرفض الجانب الاوربي الانصياع لها بالتنسيق مع الرباط ونواكشوط فقط، بل الأكثر من ذلك تجاوز الجزائر الغارقة في البحث عن مخرجات لأزمتها الداخلية الماض حراكها الشعبي في إحكام الطوق على رموز نظام بوتفليقة .

 لتبقى منطقة الكركرات بيضة القبان في كل هذا السجال السياسي، وساحة صراع مفتوحة تتعدد أطرافها وتتباين أهدافهم ومراميهم في حرب صفرية تروم تسجيل النقاط دون الدفع بإنزلاق الوضع لحافة الهاوية، والدخول في مواجهة عسكرية لايرغب أي طرف بها، ادراكا لخطورتها بمنطقة يلبد شبح الارهاب سمائها .





أضف تعليقك على المقال
*المرجو ملئ جميع الخانات و الحقول الإلزامية المشار إليها بـ

* الإسم
* عنوان التعليق
* الدولة
* التعليق




أقرأ أيضا
افتتاح أكبر مسجد بالصحراء في السمارة
هام : هذه هي تواريخ إيداع ملفات الترشيح لإمتحانات الباكالوريا أحرار
إرتباك في حزب الإتحاد الدستوري بعد إنضمام العشرات من مناضليه لحزب الإستقلال بالعيون
الصحراء زووم تعزي قبيلة الشرفاء الرگيبات في وفاة المرحوم الشريف عبداتي ولد ميارة
بلدية المرسى وبلدية "ميري" يوقعان إتفاقية توأمة وتعاون
بعد تقاعس وكالة الحوض المائي ومندوبية الفلاحة بلدية العيون تتدخل لإنقاذ الساكنة من الناموس
إستثمارات تقدر بثمانية ملايين درهم لحماية مدينة كلميم من الفيضانات
مدينة أسا تحتضن الملتقى الجهوي حول الواحات نهاية الاسبوع الحالي
التصوف السني ودوره في تحصين الأمة موضوع ندوة علمية بالعيون
انطلاق عملية تسجيل الحجاج الذين تم اختيارهم عن طريق القرعة ابتداء من خامس يناير المقبل