الصحراء زووم : مولاي إبراهيم أباعلي
المقاوم الصحراوي الحبيب ولد البلال، هو لحبيب ولد البلال ولد احمد الكيحل، ولد بهاها، ولد سيدي علال، ينحدر من قبيلة الركيبات أبناء القطب الزاهد عبد السلام بن مشيش، حفيد إدريس الأول، ازداد سنة 1904م بالساقية الحمراء، ونشأ في نواحيها ما بين أكيدي وتندوف لحمادة إلى واد درعة شمالا، ورث قيادة القبيلة عن والده البلال وجده أحمد الكيحل.
واستقر ولد البلال في الناحية الشرقية من الصحراء المغربية، وهو ابن خيمة الشرف والكرم والرأي السديد في أوساط أهل الصحراء آنذاك حتى سنة 1934م، من القرن الماضي، سنة "ملك لحكامة".
ويعني أن الاستعمار الفرنسي والاسباني قسم المنطقة إلى ثلاثة مناطق؛ فرنسا الجنوب موريتانيا، فرنسا الشرق لنجيري تندوف وبشار والجهة الغربية لإسبانيا، كما بسط القائد لحبيب نفوذه في الجهة الشرقية ككل، مما اضطر فرنسا إلى كسب وده، وتوقيع معاهدة معه، والتي تتضمن ما يلي:
- إبقاء عادات أهل الصحراء على حالها.
- حرية التنقل في الرعي
- وأن لا تتدخل فرنسا في ملك العبيد.
- وهذه الشروط عمت المنطقة كلها.
وفي سنة 1945م، قامت فرنسا بحفل كبير على شرف القائد لحبيب ولد البلال وأطلق عليه اسمه بمدينة أم كرين، وشاركت فيه جميع القبائل ونصبت فيه الخيام ومسابقات الإبل والخيل، وأعطيت فيه الجوائز وذلك بحضور الحكام الفرنسيين وتم تكريم القائد لحبيب بوسام رفيع وسلهام وعديد من السلاح، ودام هذا الحفل أسبوعا كاملا يطلق عليه أهل الصحراء "روانتة لحبيب البلال" RAWANATA LAHBIB.
وبعد هذا الاتفاق من طرف فرنسا وإسبانيا من جهة وقبائل الصحراء من جهة أخرى، ولأن فرنسا كانت تواجه حربا طاحنة في الجنوب من طرف قبائل الصحراء وخاصة الركيبات التي كانت تقود هذه المعارك، وبعد هذه السياسة الناجحة للاستعمار الفرنسي والإسباني استتب الأمن في أرجاء المنطقة وخاصة المنطقة الشرقية التي كانت تحت نفوذ القائد لحبيب ولد البلال، حيث كانت فرنسا آنذاك لا تطلب بطاقة تعريف من أي أحد تابع لنفوذ القائد لحبيب، ويكفي أنه من جهته وعلى حساب موالاته.
وبقيت هذه الحالة شائعة في أوساط المجتمع الصحراوي حيث عم المنطقة نوع من الرخاء والأمن ومساعدة السكان ماديا ومعنويا من طرف المستعمر، وأيضا نزول الأمطار خلال هذه السنوات من 1934 م إلى 1953، وحينها نفي الملك محمد الخامس من طرف المستعمر الفرنسي،
ولأن السلطان شخص مقدس عند أهل الصحراء عامة وعند الركيبات خاصة، بدأت في هذه الأثناء الحركة الوطنية يتسع نفوذها من داخل المدن المغربية إلى جنوب الصحراء، وذلك عن طريق المساعدات التي قدمها أعيان القبائل الذين يتوفرون على إمكانيات مادية ومعنوية.
وفي خضم هذه الظروف الصعبة عاد الملك محمد الخامس من المنفى وعمت الفرحة في أوساط السكان وبدأت الزغاريد و الأناشيد في جميع أنحاء البلاد، وبدأ شيوخ وأعيان القبائل تواصل تجمعاتها عند خيام أهل أبا علي بناحية لحمادة قصد تقديم البيعة والولاء للملك محمد الخامس، وانضم إلى الوفد عدد كبير من أعيان القبائل حين وصلوا مدينة كلميم ثم انتقلوا إلى الدار البيضاء، واجتمعوا عند منزل الشريف المجاهد الركيبي مولاي إبراهيم والذي كان يستقبل الوفود بحسن الضيافة والكرم ومهد لهم الطريق للذهاب إلى القصر الملكي بالرباط.
أنا ذاهب لسلطان المغرب
وقاد لحبيب هذا الوفد الكبير من أعيان القبائل من أجل تقديم البيعة والولاء للملك محمد الخامس، وتهنئته بعودته سالما إلى أرض الوطن.
وعندما علمت فرنسا بذهاب القائد لحبيب والوفد المرافق له إلى المغرب حاولت استمالته وتليين موقفه الصارم وذلك بتعيينه حاكما على الصحراء، وإعطائه جميع الضمانات والامتيازات فرفض رفضا باتا فقال لهم: "أنا ذاهب إلى بلاد الإسلام وإلى سلطان المغرب". وبدأت فرنسا تضيق عليه الخناق، وعلى عائلته ،فصادرت أمواله وإبله وممتلكاته وخدمه التي كانت تتواجد بنواحي تندوف، كما صادرت كذلك عددا كثيرا من الإبل للقائد عبد الله ولد سعيد ولد رابح الذي كان ضمن الوفد، وهو من أعيان قبيلة الرقيبات الفقرة.
وفي أثناء لقاء الوفد مع الملك محمد الخامس طلبوا منه مساعدته على تحرير البلاد التي ترزح تحت نير الاستعمار، وأن يمدهم بالسلاح والعتاد، كما انخرطت جميع الوفود المشاركة في تقديم البيعة والولاء في الطلائع الأولى لجيش التحرير.
ومن ذلك ظل القائد لحبيب يواصل عمله الوطني والدفاع عن حوزة الوطن، وبقي صامدا في موقفه حتى حظي بلقاء الملك محمد الخامس ومعه القائد مولاي ولد محمد البشير وسلمهم رخصة شاحنة لكل واحد منهم انطلاقا من الدار البيضاء وذلك سنة 1960م، واستفاد بعد ذلك من رخصة سيارة انطلاقا من كلميم سنة 1967م، وبعد ذلك التحقت به أفراد عائلته إلى كلميم التي كانت بنواحي تندوف.
وبقي الحبيب ولد البلال مقيما في كلميم حتى وافته المنية سنة 1973م، وبقيت عائلته تستفيد من كراء الرخص حتى ظهرت حركة البوليساريو، فبدأت الأمور تتغير شيئا فيشأ، وحصلت منافسات وتدافعات لأسباب مادية وشخصية، فجاءت سنوات القمع والرصاص.
وفي هذه الظروف تمت الاختطافات والسجن في أوساط العائلات المعروفة بوطنيتها، مثل عائلة القائد لحبيب ولد البلال، الذي تم اعتقال زوجته سلم بوها منت أعبيد، والتي كانت متحجبة لا تنظر إلى الأجانب طول حياتها، وزج بها في السجن مدة عامين، وفر أبناءه إلى الجزائر خوفا من الاعتقال.
أما بناته الأربع فبقين في الدار الموجودة بكلميم، بينما ابنه الأكبر البلال ولد لحبيب كان قائدا بتندوف بعد ذهاب والده إلى المغرب، والتحق بوالده بعد دخول الجزائر إلى تندوف وعين خليفة قائد الزاك، وبدأ يزاول عمله إلى أن زج به في السجن في قلعة مكونة بدون سبب هو والعديد من الشخصيات الأخرى، وذلك للتخلص من هؤلاء المقاومين المخلصين.
وفي هذه الظروف السيئة تم سحب الرخص من طرف الإدارة آنذاك حتى الآن، مع العلم أن العائلة طالبت عدة مرات باسترجاع الرخص عن طريق الإدارة، ولم يجدوا أي اهتمام أو آذان صاغية لاسترجاع النسخ من الرخص المسحوبة مرفوقة مع الملف، هي والعديد من الأوسمة، والنياشين والشهادات التقديرية للقائد المقاوم لحبيب ولد البلال