الصحراء زووم : سيد احمد السلامي
في أعقاب التصريحات القوية التي أدلى بها الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما من الرباط، والتي أعلن من خلالها دعمه الصريح لمغربية الصحراء، سارعت الجزائر إلى إرسال بعثة دبلوماسية إلى بريتوريا يوم الأربعاء 15 يوليوز الجاري، بهدف احتواء تداعيات هذا الموقف المفاجئ.
ووفق مصادر متطابقة، فقد جاءت هذه الخطوة الجزائرية للتباحث مع قيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وعلى رأسهم الرئيس سيريل رامافوزا، بشأن "تقييم عواقب موقف زوما" على السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا.
وتنظر الجزائر بقلق متزايد إلى التحول المحتمل في موقف بريتوريا الرسمي، خاصة في ظل التوترات السياسية الداخلية التي تعصف بالائتلاف الحاكم بعد انتخابات يوليوز 2024، وتشير المصادر إلى أن دعم زوما، بصفته شخصية ذات رمزية سياسية وعرقية وازنة، قد يفتح الباب أمام مراجعة الموقف التاريخي لجنوب إفريقيا، التي اعترفت بجبهة البوليساريو منذ عام 2004، مما يشكل تهديدا مباشرا للجهود الجزائرية في الدفاع عن هذه الأطروحة داخل القارة.
وتشهد الساحة السياسية في جنوب إفريقيا تصدعات حادة داخل التحالف الحاكم، كان أبرزها إقالة الرئيس رامافوزا لوزير التجارة أندرو ويتفيلد، المنتمي إلى حزب التحالف الديمقراطي، ما تسبب في مقاطعة الحزب للحوار الوطني، ويُنظر إلى هذا التطور كإشارة على تصاعد التوترات داخل الجهاز التنفيذي، وسط حديث عن احتمال اللجوء إلى انتخابات مبكرة، وهو ما قد يعزز من نفوذ الأطراف المتعاطفة مع الموقف المغربي داخل الحكومة أو المعارضة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الجزائر سلسلة من الانتكاسات الدبلوماسية المتتالية في إفريقيا، حيث سحب عدد من حلفاء البوليساريو التقليديين اعترافهم بالجبهة أو خففوا من حدة مواقفهم، انسجاما مع تزايد الدعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها حلا واقعيا للنزاع، وقد زاد موقف زوما من زخم هذا التحول، خاصة مع اتساع رقعة التأييد له في الأوساط الإفريقية.
ويرى مراقبون أن فقدان الجزائر للدعم الجنوب إفريقي، أحد أبرز الحلفاء المتبقين للبوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي، سيُعد بمثابة ضربة دبلوماسية قاصمة لأجندتها في الملف، كما من شأن ذلك أن يعجل بإعادة تشكيل موازين القوى داخل القارة، لفائدة الحل الذي يقترحه المغرب، ويعزز من عزلة أطروحة البوليساريو على المستويين القاري والدولي.