الصحراء زووم : مصطفى شكيريد

اعتمد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء الماضي القرار 2468 والقاضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء حتى الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم، وحظي القرار بتأييد 13 عضوا، في حين امتنعت روسيا وجنوب أفريقيا عن التصويت.

وطرح قرار كل من روسيا وجنوب افريقيا بالامتناع عن التصويت، السؤال عن خلفيات هذا القرار من بلدين يوصفان بأنهما حليفان تقليديان للجزائر، حيث سارعت هذه الأخيرة الى التعبير عن تنويهها بمواقفهما داخل مجلس الأمن، فهل يعكس قرار البلدين توجسهما من توجه القوى الكبرى داخل مجلس الأمن وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا للبحث عن حل سياسي لا يضمن مصالح حليفتهما الجزائر، ويتجاهل مطالب جبهة البوليساريو، اي التخلي وبشكل نهائي عن خيار الاستفتاء، والبحث عن حل سياسي متوافق عليه، في ظل حديث متنامي عن مفاوضات سرية تجري وراء الكواليس برعاية أمريكية لبلورة حل سياسي يقبر خيار الانفصال.

فبعد اعتماد مجلس الأمن للقرار 2468 سارعت روسيا وجنوب افريقيا الى انتقاد لجوء الولايات المتحدة في هذه اللائحة إلى ما أسموه "أسلوب غامض ومبهم" يمكن تأويله كإرادة في "التأثير على اتجاه المسارالسياسي".

ولم يخف سفير جنوب افريقيا جيري ماتاوس ميتجيلا ما أسماه انشغال بلاده بخصوص استعمال تعابير ومراجع مثل "التوافق" و"الواقعية" في اللائحة، معربا عن تأسفه بالقول "لا نعلم بوضوح ما المقصود بتلك التعابير لأن مبدا الاستفتاء راسخ في عديد اللوائح الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي"، حسب تعبيره.

كما أردف يقول "لا نتمنى أبدا تمييع هذا المبدأ من خلال صياغة غامضة وغير واضحة بحيث ينبغي على المجلس أن يؤكد مجددا تمسكه بما اسماه الأساس القانوني للنزاع"، مشيرا الى أنه "لا يجب على اللائحة ان تسعى للتأثير بشكل غير مناسب على ادارة المسار السياسي".

كما ندد ممثل جنوب إفريقيا بدراسة مشاريع اللوائح المتعلقة بالمينورسو التي تتواصل في غموض، من خلال إقصاء أعضاء مجلس الأمن الآخرين، منتقدة طريقة العمل التي اقترحتها "مجموعة أصدقاء الصحراء" غير الممثلة لعدم عضوية أي بلد إفريقي فيها، مجددا تأسف بلاده لكون مجلس الامن الدولي لازال يقاوم طلب توسيع مهمة المينورسو إلى مراقبة حقوق الانسان، ومؤكدا "دعم جنوب افريقيا "الواضح و الصارم" للمينورسو، ومذكرا في الوقت ذاته بأن "هذه البعثة أنشأت خصيصا لتسهيل اجراء الاستفتاء"، حسب رأيه.

من جهتها ذكرت روسيا أن "تعويض المبادئ القاعدية المتعلقة بهذا المسار، بعموميات حول ضرورة ايجاد حلول واقعية أو توافق من شأنه خلق حالة غموض و تقليل الثقة في مجلس الامن و بالتالي فهو يعرقل آفاق المسار السياسي"، وفي هذا الشأن، قال الممثل الروسي "لا يمكننا قبول تمييع مقاييس متفق عليها و محددة من قبل طرفي النزاع بغرض التوصل الى حل توافقي".

وتشير حدة التعابير المعبر عنها من قبل البلدين الممتنعين عن التصويت، والحديث عن " الغموض" و"التمييع" و"التأثير على المسار السياسي"، والانتقاد لمفاهيم من قبيل "التوافق" و"الواقعية"، في ظل الأهمية التي تكتسيها المفاهيم والمصطلحات في صناعة القرارات الدولية، الى إدراك البلدين بأن هناك توجها داخل المنظمة الدولية، للتخلي وبشكل نهائي عن خيار الاستفتاء الذي تطالب به جبهة البوليساريو ومن ورائها حليفتهما الجزائر، والشروع في البحث عن حل سياسي متوافق عليه، وهو ما أشار له القرار 2468 الذي شدد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم لمسألة الصحراء، على أساس من التوافق، معربا عن دعم مجلس الأمن الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي للحفاظ على عملية المفاوضات الجديدة للتوصل إلى حل للمسألة.

Tweet