الصحراء زووم : مصطفى اشكيريد
في خضم المناقشات الجارية داخل مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع القرار الذي يرتقب أن يتم التصويت عليه نهاية شهر أكتوبر الجاري بشأن النزاع حول الصحراء، والمتعلق بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة بالصحراء "المينورسو"، تتجه الأنظار إلى مواقف الدول الأعضاء بالهيئة الدولية، من هذا النزاع الإقليمي.
وتشير خريطة المواقف داخل المجلس إلى أن الغالبية الساحقة من أعضائه الدائمين وغير الدائمين، تتبنى مقاربة الحل السياسي الواقعي المبني على التوافق، وهو ما يترجم في الدعم الصريح والمتزايد لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باستثناء الجزائر التي تصر على مواصلة دعم أطروحة البوليساريو، متجاهلة بذلك المتغيرات الكبيرة التي عرفها هذا الملف خلال السنوات الأخيرة.
ففيما يخص الدول الدائمة العضوية بهذه الهيئة الأممية العليا المسؤولة عن السلم والأمن في العالم، تعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من أبرز الداعمين لمغربية الصحراء داخل المجلس، إذ تؤكدان دعمهما الكامل والواضح للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتعتبران مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الحل الواقعي الوحيد الممكن لهذا النزاع الإقليمي، فيما لا تمانع روسيا من دعم المقترح المغربي القاضي بمنح الإقليم حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، شريطة موافقة جميع الأطراف كممر إجباري لمباركة أي تسوية أممية للملف، وتحرص الصين من جهتها على الحياد، ووضع مسافة فاصلة من الخوض بتعقيدات الملف على الرغم من معاداتها الشديدة لجميع الحركات الإنفصالية بالعالم، والتزامها بإحترام الوحدة الترابية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
أما المملكة المتحدة، فقد انضمت منذ يونيو الماضي، إلى ركب الدول الداعمة للمبادرة المغربية باعتبارها الأساس الأكثر واقعية ومصداقية وعمليّة للتوصل إلى حل دائم للنزاع، وتدعو إلى استئناف العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة على هذا الأساس.
وفيما يخص الدول غير الدائمة العضوية بمجلس الأمن، تتعزز المواقف المؤيدة للوحدة الترابية للمملكة ولمبادرة الحكم الذاتي المغربية، فدولة سيراليون تعتبر من البلدان التي ظلت تؤكد دعمها القوي لمغربية الصحراء، وللمبادرة المغربية، وهو الموقف الذي عززته بافتتاح قنصلية عامة لها بمدينة الداخلة، أما الصومال، فقد أعلنت في أكثر من مناسبة وقوفها الثابت إلى جانب المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية، مؤكدة دعمها لمقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الأمثل لإنهاء النزاع بشكل سلمي ودائم، وفي السياق نفسه، عبرت باكستان عن موقف مماثل، إذ سبق أن أكدت أنها تساند موقف المملكة فيما يتعلق بالجهود الأممية لإيجاد تسوية للنزاع.
فيما تؤكد جمهورية بنما دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها الرباط، واصفة إياها بالسبيل الوحيد والأكثر مصداقية وواقعية لتسوية النزاع، وذلك منذ سحب اعترافها بالبوليساريو في نونبر 2024، أما الدنمارك واليونان وسلوفينيا وكوريا الجنوبية، فتشدد على دعمها لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه، معتبرة أن مقترح الحكم الذاتي المغربي “مساهمة جادة وموثوقة” في سبيل التوصل إلى تسوية دائمة.
في مقابل كل ذلك، تظل الجزائر الاستثناء الوحيد من بين الأعضاء الحاليين بمجلس الأمن الدولي، من خلال تمسكها بدعم أطروحة جبهة البوليساريو، رغم العزلة المتزايدة لموقفها داخل المجتمع الدولي، واستمرار الدعوات إلى تغليب منطق التوافق والواقعية في معالجة هذا الملف.
وتؤكد هذه المعطيات أن ميزان المواقف داخل مجلس الأمن بات يميل بشكل واضح لصالح المقترح المغربي، في وقت يتراجع فيه الدعم المقدم لأطروحة البوليساريو التي تروج لها الجزائر، ومن المنتظر أن تترجم هذه المواقف في الصيغة النهائية لمشروع القرار الأمريكي المرتقب، الذي يتوقع أن يجدد ولاية بعثة المينورسو، مع التأكيد مجددا على مركزية الحل السياسي الواقعي والدائم القائم على التوافق، بما ينسجم مع المبادرة المغربية التي تحظى بدعم غالبية الدول الأعضاء بالمجلس.